اعلم أنّ علم الحديث علم شريف ، بل هو أشرف العلوم ، فإنّ غايته الفوز بالسعادة الأبدية ، والتحلّي بالسنن النبوية ، والآداب العلوية ، وبه يدرك الفوز بالمعارف الحقّة ما لا يدرك من غيره ، ومنه يتبيّن الحلال والحرام ، والفرائض والسنن ، وطرق تهذيب النفس وصفائها.
قال الشهيد الثاني في منية المريد : أقسام العلوم الشرعية الأصلية أربعة : علم الكلام ، وعلم الكتاب العزيز ، وعلم الأحاديث النبوية ، وعلم الأحكام الشرعية المعبّر عنها : بالفقه (١). إلى أن قال :
وأمّا علم الحديث فهو أجلّ العلوم قدراً ، وأعلاها رتبة ، وأعظمها مثوبة بعد القرآن ، وهو ما أُضيف إلى النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم أو إلى الأئمّة المعصومين (صلوات الله عليهم) قولاً ، أو فعلاً ، أو تقريراً ، أو صفةً ، حتى الحركات والسكنات ، واليقظة والنوم.
وهو ضربان : رواية ، ودراية.
فالأول : العلم بما ذكر.
والثاني : وهو المراد بعلم الحديث عند الإطلاق ، وهو علم يعرف به معاني ما ذكر ، ومتنه ، وطرقه ، وصحيحه وسقيمه ، وما يحتاج إليه من شروط الرواة ، وأصناف المرويات ، ليعرف المقبول منه والمردود ، ليعمل به أو يجتنب ، وهو أفضل العلمين ، فإنّ الغرض الذاتي منهما هو العمل ،
__________________
(١) منية المريد : ١٨٨.