مأتيّة ، لحزَنّا عليك حزناً شديداً أشدّ من هذا».
ولمّا قال له عبد الرحمان بن عوف : «أو لم تكن نهيت عن البكاء»؟ أجاب بقوله : «لا ، ولكن نَهيتُ عن صوتين أحمقين وآخرين ، صوت عند مصيبة وخمش وجوه وشقّ جيوب ورنّة شيطان ، وصوت عن نغمة لهو ، وهذه رحمة ، ومن لا يَرحم لا يُرحَم» (١).
وليس هذا أوّل وآخر بكاء منه صلىاللهعليهوآلهوسلم عند ابتلائه بمصاب أعزّائه ، بل كان صلىاللهعليهوآلهوسلم بكى على ابنه «طاهر» ويقول : «إنّ العين تذرف وإنّ الدمع يغلب والقلب يحزن ، ولا نعصي الله عزّ وجلّ» (٢).
هذا ولو حاولنا أن نجمع الموارد التي بكى فيها النبي والصحابة والتابعون على أعزائهم عند افتقادهم ، لخرجنا برسالة مفردة ولكننا نقتصر هنا على بعض الموارد : (٣)
____________________
١. السيرة الحلبية : ٣ / ٣٤٨.
٢. مجمع الزوائد للهيثمي : ٣ / ٨.
٣. لاحظ كتابنا «بحوث قرآنية في التوحيد والشرك» : ١٤١ ـ ١٤٩.