إذا وقفت على ذلك لتبيّن ان البكاء على الميت والحزن على فقدان الأحبّة أمر جميل جرت عليه السيرة ، نعم الجزع المُعرِب عن الاعتراض على قضاء الله أمر مذموم وهذا ما قصده الإمام من قوله : «ولو لا أنّك أمرت بالصبر ونهيت عن الجزع».
إنّ ما أجاب به النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم على اعتراض عبد الرحمان بن عوف يوضح ما هوالمنهي عنه في المقام حيث قال صلىاللهعليهوآلهوسلم : «إنّما نهيت عن صوتين أحمقين ، وآخرين : صوت عند مصيبة وخمش وجوه وشقّ جيوب ورنة شيطان» ومعنى ذلك هو انّ المنهي عنه هو الجزع الملازم لخمش الوجوه وشق الجيوب ورنة الشيطان ، ومن المعلوم أنّ الجزع بهذا المعنى لا يفارق الاعتراض على قضاء الله وتقديره ، وأين هو من البكاء على فقد الأحبّة ، مسلّماً لقضاء الله وراضياً بتقديره ، دون أن يتكلّم بشيء يغضب الربّ أو يعمل عملاً يسخطه.