الناس يقولون إنّها من كلام الرضيّ (رحمه الله) فقال : أنّى للرضيّ ولغير الرضيّ هذا النفس وهذا الاسلوب؟! قد وقفنا على رسائل الرضيّ ، وعرفنا طريقته وفنّه في الكلام المنثور ، وما يقع مع هذا الكلام في خلّ ولا خمر (١).
وأفاض ابن أبي الحديد في بيان هذا المعنى ، فقال : لا يخلو إمّا أن يكون كلّ نهج البلاغة مصنوعاً منحولاً أو بعضه ، والأوّل باطل بالضرورة لأنّا نعلم بالتواتر صحة إسناد بعضه إلى أمير المؤمنين عليهالسلام ... والثاني يدلّ على ما قلناه ، لأنّ من قد أنس بالكلام والخطابة ، وشدا طرفاً من علم البيان ، وصار له ذوق في هذا الباب لابد أن يفرّق بين الكلام الركيك والفصيح ، وبين الفصيح والأفصح ، وبين الأصيل والمولّد ، وإذا وقف على كرّاس واحد يتضمّن كلاماً لجماعة من الخطباء أو لاثنين منهم فقط ، فلابدّ أن يفرّق بين الكلامين ويميّز بين الطريقتين ... وأنت إذا
____________________
١. شرح نهج البلاغة : ١ / ٢٠٥.