إنّ كتاب «نهج البلاغة» وما أدراك ما نهج البلاغة ـ دونه أكثر المصادر شأناً واستعرضته الافكار ونخبة الآراء ـ ، وقد أظهره الشريف في عصر ازدهرت فيه الآداب ، ونبغ النوابغ ، وأنتج للأُمّة العربية أعظم ثروة علمية. فهو كان على يقين من صدور هذه الخطب عن إمام الفصاحة والبلاغة ، وكانت المصادر الدالة على صدورها عن الإمام عليهالسلام متوفّرة ، فلأجل ذلك لم يكن يشك فيها ذو مسكة ، فلأجل ذلك حذف المصادر وأتى بلبّ اللباب ، فلو لم يكن على يقين منه وثقة به ، لما حذف الأسانيد والمصادر.
وممّا يؤيد ذلك أنه يذكر لخصوص بعض الخطب والكتب والكلم القصار مصدرها ، وذلك فيما لم تثبت عنده نسبته إلى أمير المؤمنين عليهالسلام بخلاف غيره فانّه كان على ثقة منه ويقين ، فلم يكن محتاجاً إلى ذكر مصدر له ، تكون العهدة عليه في النقل والنسبة ، وكان هذا إحدى السنن الدارجة بين القدماء في التأليف.