وبالجملة ، فإن الظاهر عندي هو الوقوف على ظواهر هذه الأخبار الدالة على نقلهم ـ صلوات الله عليهم ـ بالأبدان العنصريّة وأنهم يتنعمون فيها في تلك النشأة كما نقل عيسى عليهالسلام وهو حي كذلك.
وقد صرّح بما اخترناه جملة من علمائنا الأعلام مثل شيخنا مفيد الطائفة الحقة (١) ومقدّم (٢) الفرقة المحقّة أبي عبد الله محمّد بن محمّد بن النعمان قدسسره في كتاب (شرح عقائد الصدوق) حيث قال ـ بعد نقل الخلاف فيمن ينعّم ويعذّب بعد الموت هل هو الروح التي توجّه إليها الأمر والنهي والتكليف ونحوها جوهرا ، أو روح الحياة جعلت في جسد كجسده في الدنيا؟ واختياره الأوّل ـ ما صورته : (وقد جاء في الحديث أن الأنبياء ـ صلوات الله عليهم ـ خاصّة والأئمّة عليهمالسلام من بعدهم ينقلون بأجسادهم وأرواحهم من الأرض إلى السماء فينعّمون في أجسادهم التي كانوا فيها عند مقامهم في الدنيا. وهذا خاصّ لحجج الله دون من سواهم من الناس) (٣) انتهى كلامه ، طيّب الله ثراه وجعل الجنّة مثواه.
أقول : وهذا هو الحق الحقيق بالاتّباع ، فإنا لم نقف في الأخبار على ما يدلّ [على] ثبوت (٤) الأجساد المثالية للأنبياء والأئمّة ـ صلوات الله عليهم ـ بعد الموت فضلا عما ادّعاه ذلك المحدّث من الوجود في الدنيا ؛ إذ غاية ما يستفاد من الأخبار بالنسبة إلى المؤمن أنه بعد الموت تجعل روحه في قالب كقالبه في الدنيا (٥) ، بحيث لو رأيته لقلت : فلان. وأمّا بالنسبة إلى المعصومين عليهمالسلام فلم نعثر على خبر يدلّ على ذلك بالنسبة إليهم.
__________________
(١) من «ح».
(٢) من «ح» ، وفي «ق» : مقدام.
(٣) تصحيح اعتقادات الإماميّة (ضمن سلسلة مؤلّفات الشيخ المفيد) ٥ : ٩١.
(٤) في «ح» : لثبوت ، وفي «ق» : بثبوت.
(٥) الكافي ٣ : ٢٤٥ / ٦ ، باب في أرواح المؤمنين.