«أنا راض عنك ، فهل أنت عنّي راض» (١) انتهى.
وبذلك يظهر ما في المقام من الإشكال والداء العضال ، فأنّى لهم بإثبات حديث يدّعون صحّته لتقوم به الحجة على خصومهم ، والحال كما ترى؟
ويؤكد ما قلناه أيضا ما نقله ابن أبي الحديد في الشرح المتقدّم ، ذكره عن شعبة إمام المحدّثين ، أنه قال : تسعة أعشار الحديث كذب. وعن الدارقطني أنه قال : (ما الحديث الصحيح في الحديث إلا كالشعرة البيضاء في الثور الأسود).
روايات الخاصة في وضع الأحاديث
هذا ، وأما ما ورد من طريق الشيعة في هذا الباب فهو ما رواه سليم بن قيس في كتابه ـ وكان من أصحاب علي عليهالسلام (٢) ـ في حديث طويل ، نحن ننقله بطوله لجودة محصوله : (أبان بن عياش عن سليم بن قيس وعمر بن أبي سلمة قالا : قدم معاوية حاجا في خلافته المدينة ، فإذا الذي استقبله من قريش أكثر من الأنصار ، فسأل عن ذلك ، فقيل : إنّهم محتاجون ليس لهم دواب. فالتفت معاوية إلى قيس ابن سعد بن عبادة فقال : يا معشر الأنصار ، ما لكم لا تستقبلونني مع إخوانكم من قريش؟ فقال قيس ـ وكان سيّد الأنصار وابن سيدهم ـ : أقعدنا يا أمير المؤمنين أن لم يكن لنا دواب. فقال معاوية : فأين النواضح؟ فقال قيس : أفنيناها يوم بدر ويوم احد وما بعدهما في مشاهد رسول الله صلىاللهعليهوآله ، حين ضربناك وأباك على الإسلام حتى ظهر أمر الله وأنتم كارهون. قال معاوية : اللهم غفرا. قال قيس : أما إن رسول الله صلىاللهعليهوآله قال : «سترون بعدي إثرة».
ثمّ قال : يا معاوية تعيّرنا بنواضحنا ، والله لقد لقيناكم عليها يوم بدر وأنتم جاهدون على إطفاء نور الله ، وأن تكون كلمة الشيطان هي العليا ، ثمّ دخلت أنت
__________________
(١) شرح نهج البلاغة ١١ : ٤٩.
(٢) من «ح».