والافتخار ، فلو كان محرّما لكانوا ـ صلوات الله عليهم ـ يمنعون الناس عنه (١) أشد المنع أوّلا ، ثم يأمرون بالتفريق ثانيا ، ولكانت الفاطميّات عنه يتأبّين كالجمع بين الاختين ؛ لأن أهل البيت أدرى بما في البيت. ولو كان كذلك لكان مشهورا بين القدماء مذكورا في ألسنة الفقهاء ، مسطورا في كتب الاستدلال والفتوى ، ولكان يوصل إلينا وما يخفى هذا الخفاء ؛ لتعظيم الكلّ أمر الفروج كالدماء.
ومع ما في هذا التعليل من أنّه لو كان كذلك لكان جمع الفاطميّات مع غير الفاطميّة أشق عليها ـ صلوات الله عليها ـ أو مثله كما يتراءى ، مع أني لم أر قائلا فيه بالكراهة فضلا عن القول بالحرمة. ومع ذلك كلّه ، فـ «دع ما يريبك إلى ما لا يريبك» (٢) ، لأنّ أحدا على ترك الجمع لا يعيبك ، والله يعلم حقائق الأحكام) انتهى كلامه.
أقول : لا يخفى على ذوي الأفهام وأرباب النقض والإبرام ما في هذا الكلام من اختلال النظام ، وانحلال الزمام ، والبناء على مجرّد التخرصات الوهميّة ، والتخريجات الظنيّة من غير دليل يركن إليه ، ولا وجه يعتمد عليه سوى مجرّد الدعاوى العريّة عن البرهان ، التي لا توصل في مقام التحقيق إلى مكان. وها نحن بحمد الله سبحانه نوضّح لك زيادة على ما قدّمناه في المسألة من الإيضاح ، ونفصح عنه أيّ إفصاح ، فنقول : إن وجه النظر يتوجّه إليه في مقامات :
مناقشة المصنّف رحمهالله لهذا القائل بالكراهة
الأوّل : قوله : (وظهور لفظ «لا يحلّ» في الحرمة) فإن فيه أن دلالة «لا يحلّ» على التحريم إنّما هي بالنصّ الصريح ؛ وذلك لما حقّقه علماء الاصول من أن دلالة اللفظ في محلّ النطق ـ وهي الدلالة المطابقيّة والتضمّنيّة ـ تسمّى صريح
__________________
(١) في «ح» : عنه الناس ، بدل : الناس عنه.
(٢) عوالي اللآلي ١ : ٣٩٤ / ٤٠ ، وسائل الشيعة ٢٧ : ١٧٠ ، أبواب صفات القاضي ، ب ١٢ ، ح ٥٤.