وأن تكون هي المقصودة (١) لها فيه ، فلو لم تكن هي المقصودة للمولّى عليها لم يصحّ ، فلو عقد على صغيرة بقصد إباحة النظر إلى أمّها ولم يكن لها فيه مصلحة لم يصحّ العقد ، ولم يبح النظر ، ولا تحرم به أم المعقود عليها. وكذا باقي الأحكام) انتهى.
ولا بدّ من تحقيق هذه المسألة في هذه الدرة وبيان بطلان الأقوال الثلاثة ؛ ليتضح بذلك صحّة ما قدّمناه وقوّة ما قويناه ؛ وحينئذ فالبحث في ذلك يقع في مقامات ثلاثة :
الأوّل : في بيان بطلان القول الأوّل من الأقوال الثلاثة المذكورة ، وذلك من وجهين :
أحدهما : أن ما استندوا إليه من الآية المذكورة مردود بأن الآية لم تستوف جميع المحارم المتّفق عليها نصّا وفتوى ، مثل الأعمام والأخوال ، فكيف يتمّ الاعتراض بها من حيث عدم ذكر هذا الفرد فيها؟
ولا يخفى على من أحاط خبرا بالآيات القرآنية في أمثال هذا المقام أنها لم تستوف جملة الأفراد والأحكام ، كما في قوله عزوجل (حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهاتُكُمْ) (٢) الآية ، فإن الخارج عن هذه الآية من المحرّمات المذكورة في السنّة وعليها الاتفاق ما هو أكثر ، وذلك قوله عزوجل (قُلْ لا أَجِدُ فِي ما أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّماً عَلى طاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلّا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَماً مَسْفُوحاً أَوْ لَحْمَ خِنزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ أَوْ فِسْقاً أُهِلَّ لِغَيْرِ اللهِ) (٣) الآية ، وقوله تعالى (إِنَّما حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ وَلَحْمَ الْخِنْزِيرِ وَما أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ اللهِ) (٤) ، فإن المحرّمات في السنّة أضعاف ما ذكر في
__________________
(١) في «ح» بعدها : لما فيه.
(٢) النساء : ٢٣.
(٣) الأنعام : ١٤٥.
(٤) البقرة : ١٧٣.