إلى غير ذلك من الأخبار التي يقف عليها المتتبّع ، وكلّها كما ترى ـ ظاهرة الدلالة واضحة المقالة على أن مناط الحلّ والحرمة في النظر واللمس للمرأة دائر مدار المحرميّة وعدمها ، فكلّ من حرم نكاحها حلّ نظرها ولمسها ، ومن حلّ نكاحها حرم ذلك منها.
فإن قيل : إن هنا جملة ممّن يحرم نكاحهنّ يحرم النظر إليهن ويحرم لمسهنّ ، كالمطلّقة تسعا ، والمتزوّج بها في العدّة مع الدخول ، وأمّ الملوط به وابنته واخته؟
قلت : المراد بالمحارم في هذه الأخبار ونحوها هو من حرم نكاحها بنسب أو مصاهرة أو رضاع ، كما يشير إليه بعض ألفاظها ، وبذلك صرّح الأصحاب من غير خلاف يعرف ، ذكروا ذلك في باب تغسيل الميّت وفي باب من يجوز النظر إليه ، كما صرّح به السيّد السند صاحب (المدارك) في شرح (الشرائع) (١) ـ بعد قول المصنّف في بيان من يجوز النظر إليه : (وإلى المحارم ما عدا العورة) (٢) ـ حيث قال قدسسره ما لفظه : (المراد بالمحارم من حرم نكاحه مؤبّدا بنسب أو رضاع أو مصاهرة) (٣) إلى آخر كلامه.
ويؤيّده أيضا ما صرّح به جملة من المحقّقين من أن الأحكام المودعة في الأخبار إنّما تحمل على الأفراد الشائعة (٤) المتكررة ؛ وهي التي ينصرف إليها الإطلاق ، دون الفروض الشاذّة النادرة الوقوع.
المقام الثاني : في الكلام على ما ذكره ذلك الفاضل المعاصر مدّ في بقائه.
وذلك من وجهين :
أحدهما : أن ما ادّعاه من أن العقود بالقصود إن اريد به أنه لا بدّ من القصد إلى
__________________
(١) من «ح» ، وفي «ق» : النافع.
(٢) شرائع الإسلام ٢ : ٢١٣.
(٣) مدارك الأحكام ٢ : ٦٥ ، وقد أورده في باب تغسيل الميّت عند قول المصنّف : ويغسل الرجل محارمه.
(٤) في «ح» بعدها : الذائعة.