وبالجملة ، فإنه قد ظهر ممّا تلوناه من هذه الأخبار عدم البناء والاعتماد على هذه القاعدة ، إلّا أن تحمل على ما قدّمنا ذكره أوّلا من القصد ولو في الجملة ، وبه تنطبق على هذه الأخبار.
ولم أقف على من تنبّه لذلك إلّا المحدّث الكاشاني في كتابه (المفاتيح) ، حيث قال في خاتمته التي في بيان الحيل الشرعيّة ـ بعد ذكر بعض حيل الربا ـ ما هذا لفظه : (ولا يقدح فيه كون البيع غير مقصود بالذات ، والعقود بالقصود ؛ لأنه لا يشترط فيه قصد (١) جميع الغايات المترتبة عليه ، بل يكفي قصد غاية صحيحة من غاياته ، فإن شراء الدار للمؤاجرة والتكسب كاف في صحّته وإن كان له غايات اخر أقوى وأظهر كالسكنى) (٢) انتهى.
أقول : وبعين ما ذكره هذا المحدّث المذكور يأتي فيما نحن فيه ، فيقال بصحّة العقد باعتبار بعض الغايات المترتبة على ذلك العقد ؛ وهي المحرميّة التي ذكرناها ، ولا يتوقف صحّته على الجميع. وبذلك يظهر لك ضعف ما استند إليه الفاضل المشار إليه آنفا ، والله العالم.
المقام الثالث : في بيان بطلان ما ذهب إليه المحقّق المتقدّم ذكره.
أقول : لا يخفى أنه وإن صرّح بعضهم (٣) بأن تصرّفات الولي في الطفل وأمواله منوطة بالمصلحة والغبطة الراجعة إلى ذلك الطفل ، إلّا إني لم أقف لهذا الكلام على دليل يدلّ عليه بهذا العموم وإن كان في بعض الأخبار (٤) ما يشير إلى ذلك في بعض الأحكام ، إلّا إن فيها أيضا ما هو ظاهر في خلافه في بعض آخر كما
__________________
(١) سقط في «ح».
(٢) مفاتيح الشرائع ٣ : ٣٣٣ ، وفيه : تابعة للقصود ، بدل بالقصود.
(٣) النهاية : ٣٦٢ ، السرائر ٢ : ٢١٢ ، مختلف الشيعة ٥ : ٦٧ / المسألة : ٣٠.
(٤) وسائل الشيعة ١٧ : ٣٦١ ـ ٣٦٣ ، أبواب عقد البيع وشروطه ، ب ١٥ و ١٦.