سبيلا (إِلَّا الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجالِ وَالنِّساءِ وَالْوِلْدانِ لا يَسْتَطِيعُونَ حِيلَةً وَلا يَهْتَدُونَ سَبِيلاً) (١) ، فأخبر أن المستضعف لم يخلّ سربه ، وليس عليه من القول شيء إذا كان مطمئن القلب بالإيمان.
تفسير المهلة في الوقت
وأما المهلة في الوقت ، فهو العمر الذي يمنع الإنسان من حد ما تجب عليه المعرفة إلى أجل الوقت ، وذلك من وقت تمييزه وبلوغ الحلم (٢) [إلى أن] يأتيه أجله ، فمن مات على طلب الحق ولم يدرك كماله فهو على خير ، وذلك قوله تعالى (وَمَنْ يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ مُهاجِراً إِلَى اللهِ وَرَسُولِهِ) (٣) ـ الآية ـ وإن كان لم يعمل بكمال شرائعه لعلة ما ، لم يمهله في الوقت إلى استتمام أمره. وقد حظر على البالغ ما لم يحظر على الطفل إذا لم يبلغ الحلم في قوله (وَقُلْ لِلْمُؤْمِناتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصارِهِنَّ) (٤) ـ الآية ـ فلم يجعل عليهن حرجا في [إبداء] (٥) الزينة [للطفل و] (٦) كذلك لا تجوز عليه الأحكام.
تفسير الزاد والراحلة
وأما قوله : الزاد ، فمعناه الجدة (٧) والبلغة التي يستعين بها العبد على ما أمر الله به ، وذلك قوله (ما عَلَى الْمُحْسِنِينَ مِنْ سَبِيلٍ) (٨) ـ الآية ـ ألا ترى أنه قبل عذر من لم يجد ما ينفق ، وألزم الحجة على كل من أمكنه البلغة والراحة للحج والجهاد وأشباه ذلك ، [و] كذلك قبل عذر الفقراء وأوجب لهم حقا في مال الأغنياء بقوله (لِلْفُقَراءِ الَّذِينَ أُحْصِرُوا فِي سَبِيلِ اللهِ) (٩) ـ الآية ـ فأمر بإعفائهم ولم يكلفهم الإعداد لما لا يستطيعون ولا يملكون.
__________________
(١) النساء : ٩٨.
(٢) في النسختين بعدها : و.
(٣) النساء : ١٠٠.
(٤) النور : ٣١.
(٥) من المصدر ، وفي النسختين : اثر.
(٦) من المصدر ، وفي النسختين الطفل.
(٧) الجدّ : الحظ والرزق. لسان العرب ٢ : ١٩٨ ـ جدد.
(٨) التوبة : ٩١.
(٩) البقرة : ٢٧٣.