وبذلك يظهر لك أن من أفتى في هذه المسألة بالحلّ خلافا على الخبر المذكور ، فهو تارك للاحتياط ، ناكب عن سويّ ذلك الصراط.
فهذه وجوه (١) عشرة كاملة ، بردّ ما ذكره هذا الفاضل ضامنة كافلة ، والله سبحانه يعلم أن ليس الغرض من هذا الكلام في هذا الباب سوى تحقيق حقيقة الحقّ والصواب ، وكشف نقاب الشكّ عن هذه المسألة والارتياب (٢) ، وحلّ هذه المعضلة التي أشكلت على أذهان جملة من ذوي الألباب.
تتمّة مهمّة في أن حرمة الجمع تقتضي البطلان أم ترتّب الإثم
قد تحقّق ممّا حقّقناه تحريم الجمع بين الفاطميّتين بما لا يحوم حوله شكّ ولا شبهة في البين. لكن يبقى الكلام في أن التحريم هل يكون مقتضيا لبطلان النكاح ، أو إنّما يترتّب عليه مجرّد الإثم وإن صحّ النكاح؟
وعلى الأوّل ، فهل يختصّ الحكم بالثانية خاصّة ، فيبطل عقدها ، أو يتخيّر في طلاق أيّتهما شاء؟ لم أقف على تصريح صريح لمن تكلّم في هذه المسألة سوى ما يفهم من كلام شيخنا العلّامة أبي الحسن المنقول عنه آنفا ، وتلميذه المحدّث الصالح قدسسرهما ـ المتقدّم نقله في صدر المسألة ـ من أمرهما بطلاق واحدة ، ومقتضاه صحّة عقد الثانية ، وأنّه يتخيّر في إمساك أيّتهما شاء. إلّا إن الوجه الثاني من الوجهين الأوّلين ممّا ينبغي الجزم ببطلانه ؛ لأنّه لو تمّ لجرى في نظائر هذه المسألة ممّا يأتي ذكره ، وهو باطل نصّا وإجماعا ؛ ولما سيأتي في كلام شيخنا الشهيد الثاني قدسسره.
وأنت خبير بأن الظاهر أن هذه المسألة من قبيل مسألة الجمع بين الاختين ، والجمع بين الزوجات الخمس ، والكلام فيها يجري على حسب الكلام في
__________________
(١) سقط في «ح».
(٢) سقط في «ح».