المسألتين المذكورتين حذو النعل بالنعل ؛ لرجوع التحريم في الجميع إلى الجمع ، لا إلى عين الثانية ، كما في المحرّمات النسبيّة. إلّا إن الكلام ولا سيّما في مسألة الجمع بين الاختين لا يخلو من الإشكال أيضا بالنسبة إلى اختلاف الأدلّة ومخالفتها لكلام الأصحاب.
وتحقيق القول فيها أن يقال : لا يخفى أن ظاهر الأصحاب ـ رضوان الله عليهم ـ الاتّفاق في المسألتين المذكورتين على بطلان عقد الأخيرة من الاختين أو الخمس لو تأخّر عقدها ، وأمّا لو تزوّج الجميع من الاختين أو الخمس في عقد واحد ، فالمشهور أيضا بطلان العقد من أصله. وعلّله شيخنا الشهيد الثاني ـ طاب ثراه ـ في (شرح الشرائع) : (بأن العقد على كلّ واحدة منهما محرّم للعقد على الاخرى ، ونسبته إليهما على السويّة (١) ، فلا يمكن الحكم بصحّته فيهما ؛ لمحذور الجمع ، ولا في إحداهما على التعيين ؛ لأنّه ترجيح بغير مرجّح ، ولا لغير معيّنة ؛ لأن الحكم بالإباحة غير معيّن فلا بدّ له من محلّ جوهريّ معيّن يقوم به ؛ لأن غير المعيّن في حدّ ذاته لا وجود له.
وإذا بطلت هذه الأقسام لزم الحكم بالبطلان فيهما ؛ ولأن العقد عليهما معا منهيّ عنه نهيا ناشئا عن عدم صلاحيّة المعقود عليها على الوجه المخصوص للنكاح وإن كانت صالحة لغير هذه الجهة. والنهي على هذا الوجه يقتضي بطلان العقد وإن لم يكن مطلق النهي موجبا لبطلان العقود) (٢) انتهى.
وقيل في الاختين بصحة العقد ، وإنّه يتخيّر أيّتهما شاء (٣). وعليه تدلّ صحيحة جميل المرويّة في (الفقيه) عن أبي عبد الله عليهالسلام في رجل تزوّج اختين في عقد
__________________
(١) شبه الجملة خبر لـ (نسبته).
(٢) مسالك الأفهام ٧ : ٣١٣ وفيه : لأنّ العقد ، بدل : بأنّ العقد.
(٣) النهاية : ٤٥٤.