سيمرّ بك إن شاء الله تعالى.
ومن أظهر ما يدلّ على ما قلناه الأخبار المستفيضة الدالّة على صحّة تزويج الولي الصغير (١). وبيان الاس تدلان بها من وجهين :
أحدهما : أن ظاهر إطلاقها هو جواز التزويج مطلقا سواء كان هناك مصلحة أم لا ، وغاية ما ربّما يدّعى منها (٢) هو عدم الضرر والمفسدة ، أمّا اعتبار المصلحة فلا دليل عليه فيها ، وأيّ مصلحة للصغيرة أو الصغير في هذه الحال في هذا التزويج؟
فإن قيل : إن المصلحة وإن لم تكن الآن حاصلة إلّا إنه بعد البلوغ ـ باعتبار النكاح والدخول وما يترتب على ذلك ـ حاصلة.
قلت : لا يخفى أن الظاهر من المصلحة والغبطة المدّعاة في أمثال هذا المقام إنما هي عبارة عمّا يترجّح به الفعل أو الترك ؛ فهي عبارة عن الأمر المرجّح لأحد الجانبين على الآخر. ويقابلها بهذا المعنى المفسدة الموجبة للضرر ، أو مرجوحية الفعل أو الترك. فهاهنا أقسام ثلاثة :
أحدها : أن يزوّجها الولي للمصلحة ، كما إذا اتّفق الآن زوج لم يوجد مثله في كماله وصلاح أحواله ، أو بمهر كثير لا يوجد مثله في غير هذا الوقت ، أو نحو ذلك من الامور المرجّحة للفعل على عدمه. والمصلحة هنا ظاهرة.
الثاني أن يزوّجها بغير كفء أو شارب خمر ، أو بمهر يسير جدّا ، أو نحو ذلك من الامور الموجبة لمرجوحيّة الفعل.
الثالث : أن يزوّجها لا باعتبار شيء ممّا ذكر ، وهذا لا يوصف بكونه مصلحة ولا مفسدة ، بل هو متساوي الطرفين. ووجه المصلحة فيه غير ظاهرة ؛ لأن ذلك
__________________
(١) وسائل الشيعة ٢٠ : ٢٧٥ ـ ٢٧٨ ، أبواب عقد النكاح وأولياء العقد ، ب ٦.
(٢) ليست في «ح».