وأبوك كرها في الإسلام الذي ضربناكم عليه.
فقال معاوية : كأنكم تمنّون علينا بنصركم إيانا ، فلله ولقريش بذلك المن والطول ، ألستم تمنون علينا ـ يا معشر الأنصار ـ بنصركم رسول الله وهو من قريش ، وهو ابن عمنا ومنّا ، فلنا المن والطول أن جعلكم الله أنصارنا وأتباعنا فهداكم الله بنا.
فقال قيس : إنّ الله بعث محمدا صلىاللهعليهوآله رحمة للعالمين ، فبعثه إلى الناس كافة وإلى الجن والإنس والأحمر والأسود والأبيض ، اختاره لنبوته واختصه لرسالته (١) ، فكان أول من صدّقه وآمن به ابن عمه علي بن أبي طالب ، وأبوه أبو طالب يذب عنه ويمنعه ، ويحول بين كفار قريش وبين أن يروّعوه ويؤذوه ، وأمره أن يبلغ رسالة ربه ، فلم يزل ممنوعا من الضيم والأذى حتى مات عمه أبو طالب ، وأمر ابنه بموازرته ، فوازره ونصره وجعل نفسه دونه في كلّ شديدة (٢) وكلّ ضيق وكلّ خوف ، واختص الله عليا بذلك (٣) من بين قريش وأكرمه من بين جميع العرب والعجم ، فجمع رسول الله صلىاللهعليهوآله جميع بني عبد المطلب ، فيهم أبو طالب وأبو لهب ، وهم يومئذ أربعون رجلا ، فدعاهم رسول الله صلىاللهعليهوآله وخادمه علي عليهالسلام ، ورسول الله صلىاللهعليهوآله في حجر عمه أبي طالب ، فقال : «أيكم ينتدب أن يكون أخي ووزيري ووصيّي وخليفتي في امتي وولي كلّ مؤمن بعدي؟». فسكت القوم ، حتى أعادها ثلاثا ، فقال علي عليهالسلام : «أنا يا رسول الله». فوضع رأسه في حجره وتفل في فيه وقال : «اللهمّ املأ جوفه علما وفهما وحكما» ، ثمّ قال لأبي طالب : «اسمع الآن لابنك وأطع ، فقد جعله الله من نبيّه بمنزلة هارون من موسى». وآخى رسول الله صلىاللهعليهوآله بين علي وبين نفسه.
__________________
(١) في «ح» : برسالته.
(٢) في «ح» : شدة.
(٣) في «ح» : بذلك عليا.