فلم يدع قيس شيئا من مناقبه إلّا ذكرها واحتج بها (١) ، وقال : منهم جعفر بن أبي طالب الطيار في الجنة بجناحين ، اختصه الله بذلك من بين الناس ، ومنهم حمزة سيد الشهداء ، ومنهم فاطمة سيدة نساء أهل الجنة. فإذا وضعت من قريش رسول الله صلىاللهعليهوآله وأهل بيته وعترته الطيبين ، فنحن والله خير منكم يا معشر قريش ، وأحب إلى الله ورسوله إلى أهل بيته منكم. لقد قبض رسول صلىاللهعليهوآله فاجتمعت الأنصار إلى أبي ، ثمّ قالوا : نبايع سعدا ، فجاءت قريش فخاصمونا بحجة علي وأهل بيته ، وخاصمونا بحقه وقرابته ، فما يعدو قريش أن يكونوا ظلموا الأنصار أو ظلموا آل محمّد؟ ولعمري ما لأحد من الأنصار ولا لقريش ولا لأحد من العرب والعجم في الخلافة حق مع علي بن أبي طالب عليهالسلام وولده من بعده.
فغضب معاوية وقال : يا بن سعد ، عمّن أخذت هذا؟ وعمّن رويته؟ وعمّن سمعته؟ أبوك أخبرك بذلك وعنه أخذته؟ فقال قيس : سمعته وأخذته ممن هو خير من أبي وأعظم عليّ حقا من أبي. قال : من هو؟ قال : علي بن أبي طالب عالم هذه الامة وصدّيقها الذي أنزل الله فيه (قُلْ كَفى بِاللهِ شَهِيداً بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَمَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتابِ) (٢) ، فلم يدع آية في علي إلّا ذكرها.
قال معاوية : فإن صدّيقها أبو بكر ، وفاروقها عمر ، والذي عنده علم (الكتاب) عبد الله بن سلام.
قال قيس : احقّ بهذه الأسماء الذي أنزل الله فيه (أَفَمَنْ كانَ عَلى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ وَيَتْلُوهُ شاهِدٌ مِنْهُ) (٣) ، والذي نصبه رسول الله صلىاللهعليهوآله بغدير خم فقال : «من كنت (٤) أولى به من نفسه فعلي أولى به من نفسه». وقال في غزوة تبوك : «أنت منّي بمنزلة
__________________
(١) من «ح» والمصدر.
(٢) الرعد : ٤٣.
(٣) هود : ١٧.
(٤) في «ع» بعدها : مولاه ، وما أثبتناه وفق «ح» والمصدر.