هارون من موسى ، إلا إنّه لا نبي بعدي».
وكان معاوية يومئذ بالمدينة ، فعند ذلك نادى مناديه ، وكتب بذلك نسخة إلى عمّاله : ألا برئت الذمة ممن يروي (١) حديثا في مناقب علي وأهل بيته. وقامت الخطبة على المنابر في كلّ مكان بلعن علي بن أبي طالب والبراءة منه ، والوقيعة في أهل بيته بما ليس فيهم.
ثم إنّ معاوية مرّ بحلقة من قريش ، فلما رأوه قاموا إليه غير عبد الله بن العباس ، فقال : يا بن عباس ، ما منعك من القيام كما قام أصحابك إلّا لموجدة عليّ بقتالي إياكم يوم صفين! يا بن عباس ، إن ابن عمي عثمان قتل مظلوما.
قال ابن عباس : فعمر قتل مظلوما ، فسلّم الأمر إلى ولده ، وهذا ابنه. قال : إن عمر قتله مشرك. قال ابن عباس : فمن قتل عثمان؟ قال : قتله المسلمون. قال : فذلك أدحض لحجتك وأحلّ لدمه ، إن كان المسلمون قتلوه وخذلوه فليس إلّا بحقّ. قال : فإنّا كتبنا إلى الآفاق ننهى عن ذكر مناقب علي وأهل بيته ، فكفّ لسانك يا بن عباس ، واربع على ظلعك (٢).
قال : فتنهانا عن قراءة (القرآن)؟ قال : لا. قال : فتنهانا عن تأويله؟ قال : نعم.
قال : فنقرؤه ولا نسأل عما عنى الله به؟ قال : نعم. قال : فأيما أوجب قراءته أو العمل به؟ قال : العمل به قال : فكيف نعمل حتى نعلم ما عنى الله بما أنزل علينا؟
قال : يسأل (٣) عن ذلك من يتأوّله على غير ما تتأوله أنت وأهل بيتك.
قال : إنّما نزل (القرآن) على أهل بيتي ، فاسأل عنه آل أبي سفيان وآل أبي معيط واليهود والنصارى والمجوس. قال : فقد عدلتني بهؤلاء ، فقال : لعمري ما
__________________
(١) في المصدر : روى.
(٢) في المصدر : نفسك ، ويراد به : ارفق على نفسك فيما تحاوله. والربع : الرفع ، والظلع : العرج.
لسان العرب ٨ : ٢٥٦ ـ ظلع.
(٣) في المصدر : سل.