أعدلك بهم إلّا إذا نهيت الامة أن يعبدوا الله بـ (القرآن) وما فيه من أمر أو نهي ، أو حلال أو حرام ، أو ناسخ أو منسوخ ، أو عام أو خاص ، أو محكم أو متشابه. وإن لم تسأل الامة عن ذلك هلكوا واختلفوا وتاهوا.
قال معاوية : فاقرؤوا (القرآن) ولا ترووا شيئا ممّا أنزل الله فيكم وما قال رسول الله ، وارووا ما سوى ذلك.
قال ابن عباس : قال الله تعالى في (القرآن) (يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِؤُا نُورَ اللهِ بِأَفْواهِهِمْ وَيَأْبَى اللهُ إِلّا أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكافِرُونَ) (١).
قال معاوية : يا بن عباس ، اكفني نفسك وكفّ عني لسانك ، وإن كنت لا بدّ فاعلا فليكن سرا ، ولا يسمعه أحد علانية. ثمّ رجع إلى منزله فبعث إليه بخمسين ألف درهم ، وفي رواية اخرى : مائة ألف درهم.
ثمّ اشتد البلاء بالأمصار كلّها على شيعة علي وأهل بيته ، وكان أشد الناس بلاء أهل الكوفة ؛ لكثرة من بها من الشيعة ، واستعمل عليهم زيادا وضمّ إليه البصرة ، وجمع له العراقين ، وكان يتبع الشيعة وهو بهم عالم ؛ لأنه كان منهم قد عرفهم وسمع كلامهم أوّل شيء ، فقتلهم تحت كلّ كوكب ، وتحت كل حجر ومدر ، وأخافهم ، وقطع الأيدي والأرجل منهم ، وصلبهم على جذوع النخل ، وسمل أعينهم ، وطردهم وشرّدهم حتى انتزحوا عن العراق ، فلم يبق أحد منهم إلّا مقتول أو مصلوب أو طريد أو هارب.
وكتب معاوية إلى عماله وولاته في جميع الأرضين والأمصار ألّا يجيزوا لأحد من شيعة عليّ وأهل بيته ولا من أهل ولايته الذين يروون فضله ويتحدثون بمناقبه شهادة. وكتب إلى عماله : انظروا من قبلكم من شيعة عثمان
__________________
(١) التوبة : ٣٢.