ويوسف عليهماالسلام على الدفن في غير الموضع المشار إليه ، فكأنه إنما وقع على جهة الإيداع في هذا المكان لمصلحة لا نعلمها ، والمقرّ الحقيقي إنما هو الموضع الذي أمر الله سبحانه بالنقل إليه بعد ذلك ، فيصير الدفن في ذلك الموضع من قبيل ما لو بقي على وجه الأرض من غير دفن في وجوب بقاء الجسد العنصري وإن جاز انتقال كل منهما عليهماالسلام إلى بدن مثاليّ في ذلك العالم ؛ لعدم إمكان نقل البدن العنصري ؛ حيث إنه مأمور بنقله إلى ذلك المكان الآخر بعد الإيداع في هذا المكان مدّة ، فمن أجل ذلك لم يرفعا به.
وأمّا وجه الحكمة في الدفن أوّلا في ذلك المكان مع كونه ليس هو المكان الأصلي والتربة الحقيقية فلا يجب علينا تطلّب وجهه ولا تحصيل علّته ، وإنما يجب علينا الإيمان بما وقع ، كما في كثير من أسرار القدر والقضاء. وهو وجه وجيه تلتئم عليه الأخبار من غير تأويل ولا خروج عن ظواهر ألفاظها.
بقي الكلام في الجمع بين خبري (الثلاثة) و (الأربعين) ، ويمكن أن يكون وجهه حمل الأول على أقل المدّة ، والثاني على أكثرها. ولعل ذلك يتفاوت بتفاوت مراتبهم عنده سبحانه ومنازلهم لديه ، والله سبحانه وقائله أعلم.
فإن قيل : إنه قد روى المشايخ الثلاثة ـ عطّر الله مراقدهم ـ في الكتب الثلاثة وغيرهم في غيرها (١) أن طينة الأنبياء عليهمالسلام إنما اخذت من تحت صخرة في مسجد السهلة ، ففي حديث عبد الله بن أبان عن الصادق عليهالسلام المرويّ في (الكافي) : «وإنّ فيه لصخرة خضراء فيها مثال كل نبيّ ، ومن تحت تلك الصخرة اخذت طينة كل نبيّ» (٢).
وفيما رواه في (الفقيه) مرسلا عنه عليهالسلام قال في الخبر : «وتحته صخرة خضراء
__________________
(١) كامل الزيارات ٧٥ / ٦٨.
(٢) الكافي ٣ : ٤٩٤ / ١ ، باب مسجد السهلة.