منه ؛ ولهذا فرّع عليهالسلام افتراق قبورهم على افتراق التربة فقال : «افترقت التربة فافترقت قبورنا شتى» (١). وأمّا قوله عليهالسلام في آخر الخبر : «التربة واحدة» ، فمعناه أنه مع افتراق أجزاء التربة في تلك المواضع الشتّى لم يداخلها شيء من غيرها ، بل هي على حقيقتها ، وهي الطينة المقدّسة المطهّرة المختارة عنده سبحانه كما استفاضت به الأخبار.
وقد وقفت في هذا المقام على جواب لشيخنا العلّامة الشيخ سليمان البحراني قدسسره عن مثل هذه المسألة حيث قال السائل : ما اشتهر بين الناس من أن كلّ إنسان لا بدّ أن يدفن في المكان الذي اخذت منه طينته ، هو صحيح أم لا؟
فعلى الأوّل ما تقول في بعض الروايات الواردة عن الأئمّة عليهمالسلام المشعرة بأن مسجد السهلة فيه صخرة اخذ من تحتها طينة كلّ نبي ، مع أن كثيرا من الأنبياء لم يدفن فيه؟
فقال قدسسره : (الجواب أن الرواية بذلك غير صحيحة السند ، فلا يتعيّن التعويل عليها في مثل هذا المقام ، وعلى تقدير تسليمها فيمكن أن تكون الطينة التي تحت الصخرة انموذج طين الأنبياء المتفرّقة ، التي كل طينة في موضع. ويمكن أن يكون هذا مخصّصا لعموم ما دلّ على أن كلّ إنسان يدفن في المكان الذي أخذت منه طينته ؛ فيكون هذا العموم في غير الأنبياء عليهمالسلام. على أن الأحاديث من الجانبين غير نقية الأسناد ؛ فلا يلزم الاعتماد عليها ، والله أعلم بذلك) انتهى.
أقول : ظاهر جواب شيخنا المذكور قدسسره يعطي أنه لم يتتبّع أخبار المسألة من الطرفين ، ولم يعط التأمّل حقّه فيها في البين ؛ ولهذا أن معتمد جوابه إنما هو ردّ الأخبار من الجانبين. وما ذكره من الاحتمالين في الجواب فإنما هو على تقدير
__________________
(١) يلاحظ أنه قدسسره نقل الخبر قبل أسطر بلفظ : فصارت قبورنا شتّى ، وهو الموافق للمصدر.