وتقابل الحركة السكون تقابل الملكة وعدمها ، أي أن السكون لا يطلق على موجود ليس من شأنه الحركة ، فالله ليس من شأنه الحركة ، ولهذا لا يُسمى ساكناً ، بل يُسمى ثابتاً.
القوة عبارة عن إمكان الشيء ، والفعل عبارة عن وجوده حقيقة ، فالموجود المتطور يتمثل بقوى وإمكانات ، وبالحركة تُسْتنفد تلك الإمكانات ويُستبدل في كل درجة من درجات الحركة الإمكان بالواقع والقوة بالفعلية ، فالكائن الحي يتطور في حركة تدريجية فهو بويضة ، فنطفة ، فجنين ، فطفل ، فمراهق ، فراشد. إن هذا الكائن في مرحلة محدودة من حركته نطفة بالفعل ، ولكنه في نفس الوقت شيءٌ آخر مقابل للنطفة ، وأرقى منها ، فهو جنين بالقوة ، ومعنى هذا : أن الحركة في هذا الكائن قد ازدوجت فيها الفعلية والقوة معاً.
(فلو لم يكن في الكائن الحي قوة درجة جديدة وإمكاناتها لما وجدت حركة. ولو لم يكن شيئاً من الأشياء بالفعل لكان عدماً محضاً ، فلا توجد حركة أيضاً ، فالتطور يأتلف دائماً من شيءٍ بالفعل وشيء بالقوة ، وهكذا تستمر الحركة ما دام الشيء يحتوي على الفعلية والقوة معاً على الوجود والإمكان معاً ، فإذا نفد الإمكان ولم يبق في الشيء طاقة على درجة جديدة انتهى عمر الحركة). (١)
وجدير بالملاحظة أن الحركة والتبدل من شيء إلى شيء آخر لا تحدث جزافاً وإنما تكون في الموجود الذي له استعداد للتحول إلى موجود آخر ، فالحجر ليس
__________________
١ ـ فلسفتنا ، ص ٢٠١ ، مجمع الشهيد الصدر العلمي والثقافي.