«وقد أوضح أحدهم فكرة الدور في بيتين من الشعر بقوله :
مسألة الدور جرت |
|
بيني وبين من أُحب |
لولا مشيبي ما جفا |
|
لولا جفاه لم أشب |
يقول : إن حبيبه جفاه لشيبه وإن الشيب حصل أولاً ثم أعقبه الجفاء ، ثم ناقض نفسه وقال : إن الشيب كان من جفاء الحبيب ، أي أن الجفاء حصل أولاً ثم أعقبه المشيب ، فيكون كلّ من الجفاء والشيب متقدماً ومتأخراً في آن واحد ، وبالتالي يكون الشيء متقدما على نفسه». (١)
التسلسل فهو توقف موجود كـ (أ) في وجوده على موجود آخر كـ (ب) ، وتوقف (ب) في وجوده على (ج) ... إلى ما لا نهاية ، مع فرض أن سلسلة الموجودات المتوقف بعضها على البعض الآخر في الفرض المتقدم فقيرة بذاتها ولا تمتلك الغنى.
وإليك بيان الفكرة بمثال توضيحي : ـ لو فُرِضَ وجود مجموعة لا متناهية من العدائين يريدون الاشتراك في مسابقة ، وحين أُطلقت إشارة البدء لم يركض أحدٌ منهم ، وحينما توجّه السؤال إلى أوّلهم أَجاب بأني لا أشرع بالعدو ما لم يشرع الثاني ، وحينما توجّهوا إلى الثاني بالسؤال ، أكد أنه لا يشرع بالعدو اِلا بشروع الثالث ، وهكذا كل واحد منهم يُعلّق تحركّه على تحرك الذي بعده ، والنتيجة المعروفة من هذا كله هي : أن المسابقة سوف لا تجري بين المتسابقين أصلاً ، لوجود حالة التعليق وعدم الحسم في الموقف ، لأن السلسلة غير متناهية وحالة
__________________
١ ـ محمد جواد مغنيه ، معالم الفلسفة الإسلامية ، ص ٥٣ ـ ٥٤ ، مكتبة الهلالي.