بينك وبينها كي يتحقق علمك بها.
فيكون الشيء المعلوم بالعلم الحضوري معلوماً بالذات؛ لأنه معلوم لك بذاته ، بينما المعلوم لك بالعلم الحصولي يكون معلوماً بالعرض؛ لأن العلم لم يتعلق به مباشرة بل تعلق بصورته الموجودة في الذهن وهي بدورها كشفت عنه.
ومما تجدر الإشارة إليه ، أنّ ما تقدّم من بحث العلم الحضوري والحصولي يختلف عما يذكره علماءُ الكلام من قسمي العلم اللدنّي والكسبي؛ إذ إن مقصودهم من العلم اللدنّي هو ذلك العلم الذي يتوصّل إليه الإنسان أحياناً من دون توسط معلم يعلِّمه بل إنه يُلْهَمُ به إلهاماً ، على خلاف العلم الكسبي الذي لا يحصل عليه الإنسان إلا بتعليم معلّم.
ومن جهة أخرى قد يحصل عند الإنسان علم بشيء أو بحكم من الأحكام من دون إذعان بتحققه ، ويسمّى هذا العلم علماً تصورياً ، كما لو شاهد شخص ما تفاحة على الشجرة ، أو طَرَقَ سمعه حكم بأن زيداً عالمٌ ، من دون أن يذعن بوجود التفاحة خارجاً ولا بتحقق نسبة العلم إلى زيد. وعلى خلافه يكون التصديق؛ والفرق بين التصور والتصديق يظهر في أن التصور ليس إلا صورة يستحضرها الإنسان في ذهنه من دون أن يحكم عليها بنفي أو إثبات ، بينما التصديق فعل من أفعال النفس يتمثّل بإذعان النفس بوجود شيء أو نسبة أو عدمهما.
وبهذا يتّضح زيف ما ذهب إليه بعض الفلاسفة الحسيين كـ «جونستوارت ميل» (١) من إنه لا فرق بين التصور والتصديق إلا في أن التصور عبارة عن العلم
__________________
١ ـ «جونستوارت ميل ١٨٠٦ ـ ١٨٧٣ م Mill John Stewart» فيلسوف واقتصادي إنجليزي ، من أتباع المدرسة الاختبارية له كتاب في المنطق الاستدلالي والاستنتاجي.