نشوء البدن ، كما أوضح ذلك صدر المتألهين استناداً إلى فكرة الحركة الجوهرية. (١) كما إنها تحتاج إلى البدن في فعلها ونشاطها ، فهي التي تدرك وترى وتسمع وتلمس ... كل ذلك بواسطة البدن ، وفي آخر الأمر يُتاح لها أن تستقل عن البدن بعد موته.
وهو الموجود الذي له أبعاد ثلاثة وله زمان ومكان وقابل للأشكال المتعددة والألوان المختلفة ، ويتحقق لنا إثباته عن طريق العقل لا عن طريق الحس ، وذلك لأن ما ندركه من الأجسام ليس سوى أعراض تعرض على الأجسام ومن خلالها نستنتج أبعادها الثلاثة.
والجوهر الجسماني مركب من جوهرين آخرين أحدهما الجوهر المادي والآخر الجوهر الصوّري ، وسيأتي توضيحهما بعد قليل.
وهو مُبْهم لا تشخص فيه سوى قابليته واستعداده للتشخص ـ أي قبوله لصورة الأنواع المختلفة ـ وهو موجود في جميع الأجسام وَيكون متشخصاً بسبب الصور النوعية التي تظهر فيه ، ولكنه في الجميع واحد مشترك ، فالتراب حين يكون نباتاً والنبات حين يكون حيواناً ، والحيوان حين يكون معدناً ... فإن الجوهر المادي أو ما يسمّى بالهيولى فيها واحد لا يختلف ، وإنما الذي اختلف صور الأشياء التي توالتْ عليه ، فالصورة الترابية هي التي تغيّرت إلى صورة
__________________
١ ـ سوف يأتي في الدرس الرابع عشر بيان لفكرة الحركة الجوهرية.
٢ ـ الهيولى كلمة يونانية تعني الأصل ، وهي واحدة في جميع الأشياء في الجماد والنبات والحيوان .. وإنما تتباين الكائنات في الصور فقط.