تأملاتهم الفلسفية العديد من الآراء والنظريات ، التي كان يسودها الاتزان تارة والتهافت والتضارب تارة أخرى ، وفي ذات الوقت النمو والثراء بفعل التلاقح الفكري الحر الذي وفّرَ أجواء خصبة لذلك.
وفي ظل هذه الظروف برزت تيارات الشك والسفسطة واحتلّت مساحة واسعة من التفكير الفلسفي ، بعد أن احتل أربابها وهم السوفسطائيون ، منابر التعليم والخطابة والمحاماة ، وأنكروا حقائق الأشياء ووجودها الخارجي ، فانعكس ذلك على أذهان الناس وخلق عندهم بلبلة ذهنية وشكاً بكل حقيقة مهما كان طابعها ، وكان ذلك في القرن الخامس قبل الميلاد.
ولم يستمر الوضع على هذا الحال حيث تصدى سقراط لعلاج الموقف بقوة ، وتبعه على ذلك أفلاطون ، وتلاهما أرسطو طاليس الذي أسّس قواعد الاستدلال والتفكير الصحيح في علم المنطق ، حيث كشف عن زيف السفسطة ومغالطتها ومنزلقاتها التي أودت بالتفكير الإنساني إلى الهاوية. وبذلك تربع اليقين على عرشه ، وعادت مياه الحقيقة إلى مجاريها وتلاشت تيارات الشك والإنكار ، وعلى هذا المنوال استمر الحال حتى بعد رحيل العمالقة الثلاثة؛ سقراط وأفلاطون وأرسطو ، حيث استمر تلامذتهم في ترويج أفكارهم ، فدفعوا عجلة اليقين إلى أمام.
إلا أن مكانة هؤلاء أخذت بالتهاوي بين الناس بمرور الزمان ، فتقلص دورهم وقلّت أهميتهم ، فشدّوا رحالهم إلى الإسكندرية ، لتكون محطة جديدة لنشر