بمعناها المتقدم والتي يُسْفِرُ عنها تعاصر واقتران زماني بينهما لا تصدق على كثير من الموارد ، فعلى سبيل المثال : أن البَنّاء الذي يكون علة في بناء البيت لا يؤَثِّر موتُه على البيت وبقائه ، فالبيت يبقى مدة مديدة من الزمان رغم انتفاء علته ، فبموت البَنّاء يظلّ صرح البَنَّاءِ باقياً ، مع العلم أن العلاقة القائمة بين البَنّاء والبيت من نمط العلاقة الارتباطية.
وقد فات هؤلاء تشخيصهم الدقيق للمعلول المرتبط بعلته ، فإن المعلول المرتبط بالبنّاء في هذا المثال ليس سوى عملية نقل وانتقال المواد من مكان ووضعها في مكان آخر ، وهذا النقل ينتهي لا بعد موت البَنّاء فحسب بل حتى في حياته بعد سحب يده من عمله ، وهذا يعني أن العلّة هنا عبارة عن عمل البَنّاء الموجب لنقل وانتقال مواد البَنّاء من مكان إلى آخر وهي تنتفي بمحض ما يتوقف البنّاء عن العمل. وأما علة بقاء البيت قائماً حتى بعد توقف البَنّاء عن العمل أو بعد موته ، فيعود إلى أن لهيئة البيت وشكله علة أخرى وهي القوة التماسكية للمواد المستخدمة في البِناء وطبيعة تركيب الاَجُر؛ وهي موجودة مع البِناء ، فإذا زالت انهار البناء.
فالعلاقة القائمة بين كل علة ومعلولها علاقة ارتباطية تعاصرية بلا ريب وهو ما يتضح بجلاء إذا ما أمعنا الدقة في تشخيص العلة ومعلولها في مواردها كما تبيّن في المثال آنف الذكر.
قد تصور البعض خطأً انحصار الغايات في مورد الأفعال الناشئة عن الفكر والتأمل بنتائج الأفعال كذهاب العامل إلى معمله للكسب وتحصيل الرزق ، و