ذهاب الطالب إلى مدرسته للاستنارة بنور العلم. فلا غاية للأفعال التي لا تنشأ عن منشأ تصديقي فكري ، كملاعب الصبيان وتسمّى بالجزاف ، وكالعبث باللحية والأصابع المسمى بالعادة ، وكحركات المريض الناشئة عن مزاج خاص فيه المُعَبّر عنها بالقصد الضروري.
والصحيح هو أن لكل فعلٍ غاية ينتهي إليها الفعل ، فما كان فكريا كانت غايته فكرية ، وما لم يكن كذلك بأن كان جزافيا أو طبيعيا أو مزاجيا كانت الغاية ما ينتهي إليها الفعل من نتيجة ، لأنها مآل الفعل ومنتهاه.
والأفعال مهما كان منشأها ، فكريا أو غيره قد يعرضها مانع يحول دون الوصول إلى غايتها وحينئذٍ يسمّى الفعل نسبة إلى ذلك المانع بالباطل. وهذا لا يعني بحال أن الفاعل لا هدف له من فعله ، لأن عدم الغاية شيء ووجود مانع حال دون تحقق الغاية شيء آخر.
وإذا اتضح أن لكل فعل غاية يستهدف الفاعل تحققها يتضح أيضا استحالة الاتفاق ـ الصدفة ـ بين العلل والغايات التي تنتهي إليها تلك العلل ، إذ إن الصدفة لو كانت ممكنة لأمكن صدور المعلول من أية علة مهما كانت ، ولا شك في أنه واضح البطلان ، إذ كيف يصح فرض صدور الحرارة من الثلج والبرودة من النار بحجة القول بالصدفة؟!
ومنه يتضح وهن ما استشهدوا به من أمثلة البخت السعيد والشقي ، حيث قالوا : قد يحفر إنسان بئراً ليصل إلى الماء فيعثر على كنز ، وقد يحفُر آخرُ بئراً ليصل إلى الماء فتلدغه أفعى فيموت على أثرها ، فلا ربط إذن بين الأفعال وغاياتها. إلا أنك ترى وبأدنى تأمل أن كلاً من الفعل الأول والثاني لم يتخليا عن الغاية المختصة