وأنت حينَ تواجه موجوداً ما كجبل أبي قبيس ، فتقول : «جبل أبي قبيس موجود» ، فقد أشرت بالموضوع «جبل أبي قبيس» إلى ماهيةِ الشيء الذي واجهته ، كما أنك أشرت بالمحمول «موجود» إلى وجوده. وهكذا بقية الأشياء التي تواجهنا ، فإن لها ماهية كما أن لها وجوداً.
وبما تقدّم يظهر أنّ الماهية تختلف عن الوجود مفهوماً ، أي أنّ ما يفهم من معنى الوجود غير ما يفهم من معنى الماهية ، فكل منهما يختلف عن الآخر في الذهن وأما في الخارج ، أي خارج حدود الذهن فلا يوجد اختلاف ، فهما متحدان في شيءٍ خارجي واحد ، فنستطيع أن نشير إلى زيد الخارجي بالقول : هذا إنسان وموجود.
ولنا أن نسأل عن الشيء المتحقق في الخارج والذي سميّناه زيداً ، هل هو مصداق لمفهوم الوجود أو إنه مصداق لمفهوم الماهية؟ وبعبارة أخرى : هل إن الوجود أصيل في الخارج أم الماهية؟ فلو كان لكل منهما مصداق ، لكان في الخارج مصداقان اثنان لا مصداق واحد ، وبما أن الواقع الخارجي لا يوجد فيه إلا مصداق واحد ، فلابدّ أن يكون هذا المصداق لأحدهما دون الآخر وإن انطبقا عليه ، إلا أن أحدهما واقعي أصيل والآخر اعتباري ، أي أن المصداق الخارجي المتمثل بزيد ، يكون لأحدهما بالذات ومصداقاً للآخر بالعرض ، وبعبارة أخرى : إنه مصداق للوجود دون الماهية ، وإليك مثالاً يوضح المراد :
لو كان عندك ورقة بيضاء وشرعت بتلوين مساحة منها بلون أخضر ، فإن