وفي هذه الفترة بالذات ازدهرت الحركة العلمية في شبه الجزيرة العربية بفضل نور الإسلام ، الذي ولد هناك في تلك الفترة وقد أضاء كل شيء ، وبدت حينها حركة علمية تنشط وتتفاعل وتتلاقح وتنمو بفضل ما حث عليه الدين الإسلامي من طلب العلم من المهد إلى اللحد ، حتى ولو كلف ذلك خوض اللجج وسفك المهج ، وحتى ولو كان في الصين ، وبالفعل فقد برع المسلمون في جميع حقول العلم والمعرفة ، ومن جملتها الحقل الفلسفي ، فترجموا كتب اليونانيين والرومانيين والإيرانيين إلى اللغة العربية ، وانهمك آخرون كالفارابي (١) في تبيان وشرح أفكار أفلاطون (٢) وأرسطو (٣) ، وتبعه على ذلك ابن سينا (٤) حيثُ سلط
__________________
١. الفارابي : (أبو نصر محمد) (ت ٩٥٠ م) فيلسوف لامع. ولد في فاراب «تركستان» ودرس في بغداد وحران وأقام في حلب في بلاط سيف الدولة الحمداني وتوفي في دمشق ، لقب بالمعلم الثاني ، من مؤلفاته كتاب «الموسيقى الكبير» ، «السياسة المدنية» ، «رسالة فصوص الحكم».
٢. أفلاطون «plato» ـ (٣٤٧ ـ ٤٢٨ ق. م) فيلسوف يوناني يُعَدّ من مشاهير فلاسفة العالم ، ولد في أثينا من أسرة عريقة في المجد ، بدأ أول دراسته بالرسم ، ثم نظم الشعر ، تتلمذ في سن العشرين على يد سقراط الذي كان له الدور الأكبر في نشأته الفلسفية.
٣. أرسطو «Aostotet» ـ (٣٢٢ ـ ٣٨٤ ق. م) مربي الإسكندر ومن كبار فلاسفة اليونان ، مؤسس فلسفة المشائين ، من مؤلفاته : «المقولات» ، «الجدل» ، «الخطابة» ، «السياسة» ، «كتاب ما بعد الطبيعة» ، أثر في الفكر العربي ومن أول من ترجم مؤلفاتهِ ، إسحاق ابن حنين.
٤. أبو علي بن سينا : «٣٨٤ ـ ٤٢٧ ه» ولد في أقشنة قرب بخارى وتوفي في همدان ، عُرِف بالشيخ الرئيس وكان عالماً لامعاً وعملاقاً كبيراً حيث ضرب في كل فن بسهم وتجلى فيه نبوغه ، ففي مضمار الفلسفة فيلسوف مبدع ، بلغت الفسلفة المشائية على يده القمة ، وفي مضمار الطب طبيب ماهر وحاذق ، ألّف كتاب «القانون» الذي لم يزل يُدَّرس في الجامعات العلمية عبر قرون ، كما وإنه عرف أستاذاً لامعاً في الرياضيات والهيئة.