تقدم في الدرس الثاني أن موضوع الفلسفة هو : الموجود بما هو موجود. والموجود هو الشيء الذي ثبت له الوجود ، سواء كان ذلك الشيء نفس الوجود أو شيئاً آخر متصفا به ، وأما الوجود فمفهومه بديهي مستغنٍ عن التعريف ، وما قد يُقال في تعريفه : «أنه الثابت العين» أو «الذي يمكن أن يُخبر عنه» فهي تعاريف لفظية ، (١) تُستخدم للتنبيه والإشارة إلى ما في الذهن من المفهوم البديهي وليست بتعاريف حقيقية ، إذ ليست بأعرف من الوجود بل لا شيء أجلى من الوجود.
وأما الماهية فقد قيل في تعريفها بأنها : الواقعة في جواب ما هي أو ما هو؛ فإذا قلت : ما هو زيدٌ؟ وجاءك الجواب بأنه إنسان ، أو قلت : ما هو الإنسان؟ وجاءك الجواب بأنه حيوان ناطق ، كان الجواب على هذا السؤال بذاته ماهية الإنسان. وبعبارة أخرى : أن الماهية بيان لحقيقة الشيء وذاته التي تميزه عمّا سواه.
__________________
١. والتعريف اللفظي ليس تعريفاً حقيقياً؛ لأن المعنى الدال عليه اللفظ واضح ، ولم يؤدِ اللفظ المُعرِّف من دورٍ سوى دور الإيضاح للفظ آخر استعمل في ذلك المعنى ، كما لو قيل : الغضنفر ما هو؟ فيقال : أسد ، فمعنى الأسد لا يحتاج السامع إلى تعريفه ، بل يحتاج إلى معرفة لفظ الغضنفر الذي دل على معنى الأسد ، فالتعريف اللفظي تبديل لفظ مكان آخر.