الواجب والممكن والممتنع :
إن نسبة أيّ محمول إلى أيّ موضوع إما أن تكون ضرورية لا يصح فيها الانفكاك كنسبة الزوجية إلى الأربعة في قولنا : «الأربعة زوج» ؛ وإما أن لا تكون ضرورية كنسبة الاحتراق إلى الورقة ، في قولنا : «الورقة محترقة» ، أو أن تكون ضرورية السلب كما في قولنا : «الثلاثة زوجٌ». ففي المثال الأول يعبّر عن النسبة بالوجوب ، أي وجوب نسبة المحمول إلى الموضوع ، كما ويعبّر عن النسبة في المثال الثاني بالإمكان ، أي إمكان نسبة المحمول إلى الموضوع وإمكان عدمه ، وأما النسبة في المثال الثالث فيُعبّر عنها بالامتناع ، أي امتناع نسبة المحمول إلى الموضوع. والنسب الثلاث هذِهِ يُعبّر عنها في علم المنطق بمادة القضية. (١)
وعلى غرار ما تقدّم من أنماط نسبة المحمول إلى الموضوع ، ذكر الفلاسفة أن الوجود حينما يحمل على موضوع من الموضوعات فإنّ نسبته إليه قد تكون واجبة كنسبة الوجود إلى الله في قولنا : «الله موجود». حيث ثبت في برهان الإمكان ، كما سيأتي الحديث عنه ، (٢) أن الوجود بالنسبة لذات الحق تعالى واجب
__________________
١ ـ راجع بحث الموجهات ـ مادة القضية ـ في كتاب المنطق للعلامة محمد رضا المظفر ، ص ١٤٦ ، دار التعارف للمطبوعات ، بيروت ، لبنان ، ١٩٨٠ م.
٢ ـ في الدرس العشرين.