ومن الغريب أن بعض فلاسفة اليونان الأقدمين من أمثال «پارمنيدس» ، (١) و «زينون الايلي» (٢) لم يكتفوا بإنكار الحركة الجوهرية للأشياء فحسب ، بل تعدوا في إنكارهم إلى ما هو ظاهر من الحركات حتى الانتقالية منها ، وذهبوا إلى أن حركة شخصٍ من نقطةٍ إلى نقطة أخرى ليست إلا سكونات متعددة لأشخاص متعددين!
ومما تقدم يظهر أن الحركة عبارة عن التغيُّر التدريجي وخروج الشيء من القوة إلى الفعل؛ فالإنسان حينما يخرج من منزله إلى محل عمله ، والنبتة حينما تكون شجرة ، والشجرة حينما تعطي ثمرة ، والثمرة حينما يكون لها لون في ظهورها ثم تتغير إلى لون آخر ، ثم تستقر على لون وحالة أخيرة ، والماء حينما ترتفع درجة حرارته بالنار من الصفر إلى درجة مائة مئوية ، ففي كل ما تقدم تظهر تغيرات وتحولات وحركات ، ويلازم تلك التغيرات والحركات عناصر ستة ، إليك ذكرها مجملة :
١ ـ المبدأ : وهو نقطة الانطلاق في الحركة ، وهو ـ في المثال الأول ـ المنزل الذي بدأ الشخص حركته منه ، متجها صوب مقصده وهدفه.
__________________
١ ـ پارمنيدس Parmenides «ـ ٤٥٠ ـ ٥٤٠ ق. م» ، فيلسوف يوناني له قصيدة «في الطبيعة» قال فيها بالتوحيد المطلق وعدم التغير وأزلية كل شيء.
٢ ـ زينون الايلي «Zenon Aelee» «أواخر القرن الخامس ق. م» ، فيلسوف يوناني تعلم على پارمنيديس ، صاحب البراهين على عدم وجود الحركة.