جماعة إلى الآن يدّعون بإمامته وهم «الكيسانيّة» (١) وبزعمهم أنه لم يمت وأنّه حي يرزق ، وأنّه مقيم «بجبل رضوي» وأنّه هو المهدي من آل محمد ، وأمّا من طرقنا فإنّ محمّد بن الحنفية مات ودفن «بابلة» أو «بالطائف» (٢) وفي بعض الأخبار بالمدينة ، مات وله من العمر خمس وستون سنة (٣).
وكان يحبّ الحسين حبّاً جمّاً ، ولمّا علم أنّ الحسين عازم على الخروج من المدينة أقبل إليه وقال له : يا أخي أنت أحبّ الناس إليّ ، وأعزّهم عليّ ، ولست والله أدخر النصيحة لأحد من الخلق [إلّا لك] (٤) ، وليس أحد أحق بها منك ، (لأنّك زاج مائي ونفسي ، وروحي وبصري ، وبكير أهل بيتي ، ومن وجبت طاعته في عنقي ، لإنّ الله قد شرفك عليّ وجعلك من سادات أهل الجنّة) (٥) ، تنح ببيعتك عن يزيد وعن الأمصار ما استطعت ، ثم أبعث رسلك إلى الناس على فادعهم إلى نفسك ، فإن بايعك (٦) الناس حمدت الله على ذلك ، وان اجتمع الناس على غيرك لم ينقص الله بذلك دينك ولا عقلك ولا تذهب به مروءتك ولا فضلك ، أخي إنّي أخاف عليك أن تدخل مصراً من هذه الأمصار فيختلف الناس بينهم ، فطائفة معك واُخرى عليك ، فيقتتلون فتكون لأوّل الأسنة غرضاً ، فإذا خيرُ هذه الاُمة كلّها نفساً وأباً واُمّا اضيعها دماً وأذلّها أهلاً.
__________________
(١) انظر : رجال الكشّي : ٩٤ / ١٤٩ و ٩٦ / ١٥٢ و ١٢٧ / ٢٠٤ ، وانظر : المعارف لابن قتيبة : ٦٢٢ ، والملل والنحل : ١ / ١٣١ ، وفرق الشيعة : ٢٦ ـ ٣١ ، والفرق بين الفرق : ٣٨ / ٥٢ ، وتعليقة الوحيد البهبهاني : ٤١٠.
(٢) انظر : محمّد بن الحنفية ـ للمؤلف ـ ص ٨٢.
(٣) انظر : كانت وفاته سنة احدى وثمانين في ايام عبد الملك بن مروان. محمّد بن الحنفية ـ للمؤلف.
(٤) أثبتناها من المصدر.
(٥) ما بين القوسين لم يرد في نسختنا أثبتناه من المصدر.
(٦) في المصدر : تابعك.