وموسى عليهالسلام لمّا وصل إلى «مدينة شعيب» أمن ونجا ، والحسين عليهالسلام لمّا وصل إلى «مكّة» حرم الله وبيته لم يأمن على نفسه من القتل لأنّ يزيد بن معاوية كان قد دسّ له من الحاج ثلاثين شيطاناً من شياطين بني اُمية وقال لهم : اقتلوا الحسين أينما وجدتموه ولو كان متعلقاً بأستار الكعبة.
موسى عليهالسلام لمّا وصل ألى «مدين» وجد بنتي شعيب على البئر يسقيان ، فسقى لهنّ وكان الدلو لا يجره إلا عشرة فجره ، وقد حكى الله ذلك في محكم كتابه المجيد : (وَلَمّا وَرَدَ مَاءَ مَدْيَنَ وَجَدَ عَلَيْهِ أُمّةً مِنَ النّاسِ يَسْقُونَ وَوَجَدَ مِن دُونِهِمُ امْرَأَتَيْنِ تَذُودَانِ قَالَ مَا خَطْبُكُمَا قَالَتَا لاَ نَسْقِي حَتّى يُصْدِرَ الرّعَاءُ وَأَبُونَا شَيْخٌ كَبِيرٌ * فَسَقَى لَهُمَا ثُمّ تَوَلّى إِلَى الظّلّ) ـ وكان جائعاً خائفاً (فَقَالَ رَبّ إِنّي لِمَا أَنزَلْتَ إِلَيّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ) (١) فأقبلتا إلى أبيهما بالماء وقد أسرعتا في الرجعة ، وتعجّب شعيب وقال : أسرعتنّ؟! فقالت إحداهنّ : إن رجلاً صفته كذا وكذا سقى لنا قبل الناس ؛ فبعث إحداهنّ خلفه ، وقد أشار تعالى إلى ذلك بقوله عزّ إسمه العظيم (فَجاءَتْهُ إِحْدَاهُمَا تَمْشِي عَلَى اسْتِحْيَاءٍ قَالَتْ إِنّ أَبِي يَدْعُوكَ) (سورة القصص : ٢٤) فمشى خلفها وجاءت الريح فحملت ثوبها فأدار موسى عليهالسلام وجهه عنها ، وقال لها : إمشي خلفي ورام لي الحصاة على الطريق فإنّا قوم لا ننظر على أعجاز النساء ؛ فصارت تمشي خلفه ـ (فَلَمّا جَاءَهُ وَقَصّ عَلَيْهِ الْقَصَصَ قَالَ لاَ تَخَفْ نَجَوْتَ مِنَ الْقَوْمِ الظّالِمِينَ) (٢).
فموسى عليهالسلام إستسقى بطريقة لبنات شعيب ، والحسين عليهالسلام سقى في طريقه الحرّ وأصحابه الذين كانت عدّتهم ألف فارس عدا خيولهم ؛ موسى عليهالسلام لمّا قصّ
__________________
(١) سورة القصص ٢٨ : ٢٣ ، ٢٤.
(٢) سورة القصص ٢٨ : ٢٥.