الحجاز من الحسين؟ ثم التفت إلى الحسين عليهالسلام وقال له : «يا ابن العم إنّي أتصبّر ولا أصبر ، أنت سيد أهل الحجاز فأقم في هذه البلد ، وإن أبيت إلّا أن تخرج فاخرج الى اليمن فإنّهم أنصار جدّك وأبيك ، وهم أرقّ الناس عليك فإنّي أخاف عليك أن تقتل ونساؤك واطفالك تنظر إليك». فقال الحسين عليهالسلام : إنّ جدّي رسول الله قد أمرني بأمر وأنا ماض فيه» (١).
ثم قال له عبدالله بن الزبير : يابن رسول الله قد حضر الحج وأنت ماض إلى العراق؟ فقال عليهالسلام : «لإن ادفن بشاطئ الفرات أحب إليّ من أن ادفن بفناء الكعبة ، فإن أبي حدثني أنّ بها كبشاً يستحلّ حرمتها ، فما أحب أن أكون ذلك الكبش» (٢).
قال السيد ابن طاووس رحمه الله في «الملهوف» : وجاء إليه محمد بن الحنفية فأجابه مثل ما أجاب عبدالله بن عباس (٣) ، ، وجاءه عبدالله بن عمر (٤) فأشار عليه بصلح أهل الضلالة وحذره من القتل والقتال ، فقال عليهالسلام : «يا أبا عبدالرحمن أما علمت أنّ من هوان الدنيا على الله أن رأس يحيى بن زكريا اهدي إلى بغي من بغايا
__________________
(١) انظر الملهوف للسيد ابن طاووس : ١٠١
(٢) وهذه من المغيبات التي أخبر عنها إمامنا أمير المؤمنين عليهالسلام ، فإنّ ابن الزبير حوصر بمكة خمسة أيام ـ حاصره الحجاج ـ ثم قتل في البيت ، فكان هو الكبش ، وأمر به الحجاج فصلب بمكة ، وكان مقتله يوم الثلاثاء لأربع عشرة ليلة خلت من جمادي الأول سنة (٧٣ هـ)
انظر : تاريخ ابن الأثير : ٤ / ١٣٥ ، تاريخ الطبري : ٧ / ٢٠٢ ، فوات الوفيات : ١ / ٢١٠ ، تاريخ الخميس : ٢ / ٣٠١ ، الأعلام للزركلي : ٤ / ٨٧ ، شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد :
(٣) ابن عباس ، حبر الأمة والصحابي الجليل رضياللهعنه ، ولد بمكة ولازم الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم وروى عنه ، وشهد مع أمير المؤمنين عليهالسلام الجمل وصفين ونهروان ، كفّ بصره في آخر عمره وسكن الطائف وتوفي بها سنة (٦٨ هـ). انظر : الإستيعاب ، والإصابة ، وصفة الصفوة : ١ / ٣١٤ ، حلية الاولياء : ١ / ٣١٤ ، نسب قريش : ٢٦ ، المحبر : ٩٨ ، الأعلام للزركلي : ٤ / ٩٥.
(٤) عبدالله بن عمر : وكنيته أبو عبدالرحمن ، آخر من توفي بمكة من الصحابة ، وكانت ولادته بمكة. انظر : الإصابة ، الإستيعاب ، طبقات بن سعد : ٤ / ١٠٥.