وأخذ بزمام ناقته التي ركبها ، وقال له : يا أخي ألم تعدني النظر فيما سألتك؟ قال : بلى ، قال : إذاً فما حداك على الخروج عاجلاً؟ فقال له : يا أخي أتاني رسول الله بعد ما فارقتك وقال لي : يا حسين اُخرج قد شاء الله أن يراك قتيلاً ، فقال ابن الحنفية : إنا لله وإنا إليه راجعون ، أخي إذاً فما معنى حملك هذه النسوة وأنت تخرج على مثل هذه الحالة والصفة؟ قال له : أخي قد شاء الله أن يراهنّ سبايا على اقتاب المطايا» (١).
أخي إن الله شاء بأن يرى |
|
جسمي بفيض دم الوريد مخضّبا |
ويرى النساء على الجمال حواسراً |
|
أسرى وزين العابدين سليبا |
فاكفف فقد خطّ القضاء بأنني |
|
أمسي بعرصة كربلاء غريبا |
وفي رواية أخرى قال له : «أخي اناشدك الله أن لا تسير إلى قوم غدروا بأبيك سابقاً ، وغدروا بأخيك لاحقاً ، وأبقوا عدوّكم ، فأقم في حرم جدّك رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم وإلا فارجع إلى حرم الله ، فإن لك فيها أعواناً كثيرة ، فقال له : «لابدّ من المسير الى العراق» ، فقال له محمد إنه ليفجعني ذلك ، ثم بكى وقال : والله يا أخي لا أقدر ان أقبض على قائم سيفي ولا أقدر على حمل رمحي ، ثم لا فرحت بعدك أبداً». ثم ودّعه وسار الحسين عليهالسلام.
قال الراوي : وعند خرجه من مكة لقيه رجل من أهل الكوفة يكنّى أبا هرة الأزدي ، فسلّم عليه ثم قال له : يا بن رسول الله من الذي أخرجك عن حرم الله وحرم جدك رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم؟ فقال له عليهالسلام : «ويحك يا أبا هرة إن بني امية أخذوا مالي فصبرت ، وشتموا عرضي فصبرت ، وطلبوا دمي فهربت ، وايم الله ان تقتلني الفئة الباغية ، وليلبسنّهم الله ذلاً شاملاً ، ويرسل عليهم سيفاً قاطعاً ، وليسلّطنّ عليهم من يذلّهم حتى يكونوا أذلّ من قوم سبأ أذ ملكتهم إمرأة فحكمت في
__________________
(١) الملهوف للسيد ابن طاووس رحمه الله : ١٢٧.