قال : ولمّا سمع النعمان بن بشير الانصاري (١) بقدوم مسلم إلى الكوفة كتب كتاباً إلى يزيد : «أمّا بعد فإن مسلم بن عقيل قد دخل الكوفة وقد بايعه الناس فإن كانت لك في الكوفة حاجة فابعث إليها من ينفذ أوامرك».
وكتب ـ ايضاً ـ عبدالله بن شعبة الحضرمي (٢) إلى يزيد : «أمّا بعد فإنّ مسلم بن عقيل ورد الكوفة وقد بايعه شيعة الحسين ، فإن كانت لك في الكوفة حاجة فانفذ إليها رجلاً قويّاً فإنّ النعمان ضعيف أو يتضاعف».
وكتب له عمر بن سعد بنحو ذلك ، فدعى يزيد بمولى له يقال له سرجون ، فاستشاره بهذا الأمر ، فقال له : لو نشر لك معاوية حيّاً لما عدا رأيه عن أبن زياد ، قال : فكتب يزيد الى بن زياد وهو يومئذٍ والٍ على البصرة : «أمّا بعد فإنّي ولّيتك المصرين الكوفة والبصرة (٣) ، فخذ بالرأي السديد واعمل النصح ، ثم قد بلغني أن مسلم بن عقيل قد ورد الكوفة وقد اجتمع عليه الناس يبايعونه ، فإني لا أجد سهماً أرمي به عدّوي أجرأ منك ، فإذا قرأت كتابي هذا فسر من قوّتك وساعتك ، وإيّاك والإبطاء والتواني ، واجتهد ولا تبقي من نسل علي بن أبي طالب ، واطلب مسلم بن عقيل طلب الخرزة واقتله ، وابعث إليَّ رأسه والسلام».
__________________
(١) النعمان بن البشير : كان والياً على الكوفة من قبل معاوية فأقره يزيد عليها ، واُمّه : عمره بنت رواحة اُخت عبدالله بن رواحة ، قال ابن أبي الحديد في الشرح : كان النعمان بن البشير منحرفاً عنه ـ يعني علياً عليهالسلام ـ وعدوّاً لله وخاض الدماء مع معاوية خوضاً ، وكان من أمراء يزيد بن معاوية حتى قتل وهو على حاله. ويروى أنّه قتله حمص في فتنة ابن الزبير ، لأنّه كان والياً عليها. انظر : شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد : «النعمان بن بشير».
(٢) وكان أوّل ما كاتب يزيد في حرب الحسين عليهالسلام.
(٣) أو يقال : العراقين ، وهي البصرة والكوفة ، وذكر ابن قتيبة وغيره أن أول من جُمع له (العراقين) هو زياد بن أبيه وذلك في زمن معاوية ، ثم جاء يزيد بن معاوية فجمع (العِراقين) لابن زياد فكان ثاني من يجمع له (العِراقين). انظر : المعارف لابن قتيبة : ٣٤٦ ، ٣٤٧.