القاضي : أدخل عليه صاحبهم وانظر إليه ثم اخرج إليهم وأعلمهم بأنّ صاحبهم حي لم يقتل ؛ فقام شريح ودخل على هاني في الحبس وتكلّم معه ، فقال هاني : والله لو دخل عليَّ من مذحج عشرة لأنقذوني من هذا اللعين. ثم خرج شريح من عنده وأقبل حتى أشرف على مذحج وقال لهم : إن الأمير لما بلغه مكانكم ومقالتكم في صاحبكم أمرني بالدخول إليه فأتيته فنظرت إليه وخرجت لأخبركم أنه صحيح سالم ، والذي بلغكم من موته كان باطلاً. فعند ذلك انصرفوا وهم يقولون فأمّا إذا لم يقتل فالحمدلله (١).
وبقي هاني في السجن حتى إذا قبض على مسلم وقتل أمر ابن زياد بإخراج هاني إلى السوق الذي تباع فيه الأغنام ، فأخرج مكتوفا فجعل ينادي : وا مذحجاه ولا مذحج لي اليوم .. وامذحجاه وأين عني مذحج ...
فلمّا رأي أن لا ينصره أحد اجتذب يده من الكتاف فنزعها ثم قال : أما من عصا أو سكّيناً أو حجرا أو عظماً يذب به الرجل عن نفسه! فتواثبوا عليه وشدّوه وثاقاً فقيل له : امدد عنقك! قال : ما أنا بها مجدٍ سخيّ ، وما أنا بمعينكم على نفسي! فضربه مولى لعبيدالله بن زياد (تركي) يقال له الرشيد (٢) بالسيف فلم يصنع شيئاً ، فقال هاني : إلى الله المعاد اللّهمّ إلى رحمتك ورضوانك (٣).
ثم حزّوا رأسه وجاؤا بجثّته وجثّة مسلم بن عقيل وربطوا برجليهما الحبال ، وجعلوا يسحبونهما في الاسواق ، وفي ذلك يقول عبيدالله بن الزبير الاسدي من
__________________
(١) مقتل أبي مخنف : ٣٩ ـ ٤٠.
(٢) قال ابن الأثير في الكامل : لمّا كان يوم خازر نظر عبدالرحمن بن الحصين المرادي إلى رشيد التركي وقال قتلني الله إن لم أقتله أو أقتل دونه ثم حمل عليه بالرماح فقتله ورجع إلى موقفه. انظر الكامل لابن الاثير : ٥ / ٣٧٩.
(٣) مقتل أبي مخنف : ٥٦ ـ ٥٧.