ولعظم قدره ومنزلته عند الحسين عليهالسلام وحبّه له فقد بكاه في مواطن عديدة وذلك لمّا استعلم بقتله ، فالموطن الأول هو :
ما قد رواه أبو مخنف عن عبدالله بن سليمان والمنذر ابن المشعل الأسديان ، قالا : لمّا قضينا حجّنا لم تكن لنا همّة إلا اللحاق بالحسين في الطريق للنظر ما يكون من أمره وشأنه ، فأقبلنا ترقل بنا ناقتنا مسرعين حتى لحقناه بزرود ، فلما دنونا منه وإذا نحن برجل من أهل الكوفة قد عدل عن الطريق حين رأى الحسين ، قالا : فوقف الحسين وكأنّه يريده ثمّ تركه ومضى. فقال أحدنا لصاحبه امض بنا إليه لنسأله عن خبر الكوفة ، قال : فانتهينا إليه وسلّمنا عليه ، وانتسبنا له وانتسب لنا ، فإذا هو بكير بن المثعبة الأسدي ، فاستخبرناه عن الكوفة فقال : ما خرجت من الكوفة حتى رأيت مسلماً وهانياً قتيلين يجرّان من أرجلهما في الأسواق ، قالا : ثم ودّعنا وسار فلحقنا بالحسين فسلّمنا عليه وسايرناه حتى نزل الثعلبيه ممسياً ، فدخنا عليه وقلنا له : يا ابن رسول الله ، إنّا عندنا خبراً إن شئت أخبرناك به سرّاً وإن شئت علانية؟ قال : فنظر إلى أصحابه وقال : مادون هؤلاء سرّ ، فقلنا : رإيت الراكب الذي استقبلك عشية أمس؟ قال : نعم وقد أردت مسألته ، فقلنا وقد استبرئنا لك خبره وكفيناك مسئلته ، وهو امرء منّا ذوي رأي وصدق وفضل وعقل وقد حدّثنا يابن رسول الله قال : لم أخرج من الكوفة حتى قتل مسلم بن عقيل وهاني ، فاسترجع وقال : رحمهالله عليهما وكررهما مراراً ، فقلنا : ننشدك الله في نفسك وأهل بيتك إلّا انصرفت فإنّه ليس لك في الكوفة ناصر بل نتخوّف أن يكونوا عليك ؛ فالتفت إلى بني عقيل وقال : ما ترون يا بني عقيل : فقالوا : والله لا نرجع حتى نصيب ثارنا أو نذوق ما ذاق مسلم ، ثم التفت إلينا وقال : قبّح الله العيش بعد هؤلاء. فعلمنا أنه عزم على المسير فقلنا له : خار الله لك ، قال : يرحمكم الله.