في هذا السجن ، فلم لا نخبر السجّان بخبرنا ونعرفه أنفسنا لقربنا من رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم؟ ولمّا أن جاء إليهما السجّان بقوتهما قام إليه الصغير وقال له : يا هذا أتعرف محمد المصطفى نبي هذه الأمّة؟ قال : وكيف لا أعرف النبي!! فقال له : أو تعرف ابن عمّه علي بن أبي طالب عليهالسلام؟ قال : وكيف لا أعرفه وهو إمامي!! فقال له : يا شيخ أو تعرف مسلم بن عقيل؟ قال : نعم ، فقال له : يا هذا فنحن أولاده فمالك ومالنا لا ترحمنا لصغر سننّا؟! فلمّا سمع السّجان بكى وانكبّ عليهما ويقبلهما ، وهو يقول : نفسي لكما الفداء ، والله ما كان لي علم بأنكما أبني مسلم وإنّ أمير المؤمنين عمّكما ، سيّدي هذا باب السجن مفتوح فخذا أي طريق شئتما وسيرا في الليل واكمنا في النهار.
قال الراوي : فأطلقهما من السجن وخرجا وهما لا يدريان إلى أين يتوجّهان ، فجعلا يسيران في شوارع الكوفة حتى إذا كان وقت طلوع الفجر ودخلا في بستان هناك فكمنا ، فمرّت عليهم جارية فسألتهما عن حالهما ، فأقسما عليها أن لا تخبر أحداً بخبرهما ، وعلما منها انّها موالية لعمهما ، فقصا لها خبرهما فقالت لهما : سيّدي إمضيا معي فإن مولاتي موالية لعمّكما ومحبّة لكما. فجاءا معها حتى إذا وصلا سبقتهما الجارية على مولاتها وأخبرتها فلّما سمعت قامت لاستقبالهما وقالت لهما : ادخلا البيت على الرحب والسعة ورفّهت عليهما.
هذا وقد استخبر ابن زياد بخروجهما من السجن فأمر مناديه أن ينادي : من جائني بولدي مسلم له عند الأمير الجائزة العظمى. فصار أجلاف أهل الكوفة يفتّشون عليهما ويطلبونهما ، ومن جملتهم زوج تلك المرأه التي جارتهما ، قال : فلمّا جنّ الليل أقبل زوجها وقد أتعب نفسه في طلبهما رجاء الجائزة ، فقالت له زوجته : أين كنت اليوم وأرى عليك آثار التعب؟! فحكى لها بما نادى منادي ابن زياد وقد أتعب نفسه في طلب الطفلين ، فلمّا سمعت الحرّة قالت له : مالك وذريّة