عبد المطلب أما تخشى أن يكون محمّداً غداً خصمك؟ فقال لها : دعيني من هذا ؛ فبينما هي تكلّمه ويكلّمها إذ سمع همهمة من داخل الحجرة فقال لها : أي شيء أسمعه هل عندنا أحد؟! فأعرضت وتلجلجت فقام اللعين وأخذ الضياء ودخل الحجرة وإذا بالطفلين قائمين يصليان حتى إذا فرغا قال لهما : من أنتما؟ فقالا : أولاد مسلم بن عقيل أجارتنا هذه الحرّه ، فقال اللعين : أتعبت نفسي وفرسي في طلبكما وأنتما في داري!!
ثم رفع يده ولطم الكبير على وجهه وجاء لهما بالحبال واوثقهما كتافاً فقالا له : مالك تفعل بنا هذا الفعل وامرأتك أضافتنا؟ أما تخاف الله فينا ، أما تراعي يتمنا وقربنا من رسول الله؟ فلم يعبأ اللعين بكلامهما ولا رقّ لهما فتركهما في الحجرة يبكيان حتى الصباح.
ثم أخرجهما من داره وتبعته امرأته وولده وعبده ، هذا وامرأته تتوسّل به وتمانعه وتذكّره الله ، حتى جاء بهما إلى جانب الفرات ليقتلهما فالتفت إلى عبده وقال له : خذ السيف واضرب عنقيهما وأثنى برأسيهما ، فأخذهما العبد وأراد قتلهما فقالا له : يا هذا ما أشبه سوادك بسواد بلال مؤذن رسول الله ... يا هذا لا تقتلنا فإنّك إن قتلتنا يخاصمك رسول الله يوم القيامة. فقال لهما : من أنتما؟! فقالا : نحن أولاد مسلم بن عقيل.
قال : فانكب العبد عليهما يقبّلهما ورمى السيف من يده وألقى نفسه في الفرات وعبر إلى جانب الآخر ، فصاح به مولاه : عصيتني؟! فقال له : عصيتك لمّا عصيت الله ، فقال اللعين : والله لا يتولّى قتلهما أحد غيري. فأخذ السيف وأتى إليهما فلمّا هم بقتليهما جاء إليه ابنه وقال له : أبه ارحمهما لقربهما من رسول الله ولصغر سنّهما ، فلم يعبأ به فلمّا رأيا صنعه تباكيا ووقع كل منهما على الآخر يودعه ويعتنقه ، والتفتا إليه وقالا له ، يا هذا لا تدعنا نطالبك بدمنا أمام رسول الله يوم