افضل من جهاد المشركين ، وهذا الحسين بن علي ذي الشرف الأصيل والرأي الأثيل له فضل لا يوصف وعلم لا ينزف ، وهو أولى بهذا الأمر لسابقته وقدمه ، يحنو على الكبير ويعطف على الصغير ، فأكرم به من راعي رعيه وإمام حق وجبت لله به الحجة ، وبلغت به الموعظة ، وقد كان صخر بن قيس انخذل بكم يوم الجمل ، فاغسلوها بخروجكم مع بن بنت رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وها أنا قد لبست للحرب لامتها ، وادرعت لها بدرعها ، فمن لم يقتل يمت ، ومن يهرب لم يفت ، فأحسنوا رحمكم الله ردّ الجواب.
فتكلمت بنو حنظلة وقالوا : يا أبا خالد نحن نبل كنانتك وفرسان عشريتك ، إن غزوت بها فتحت ، لا تخوض غمرة إلا خضناها ، ولا تلقى شدّة إلا لقيناها ، ننصرك بأسيافنا ونقيك بأبداننا ، فانهض لما شئت.
وتكلمت بنو تميم فقالوا : يا أبا خالد نحن بنو ابنك وحلفاؤك لا ترضى إن غضبت والأمر إليك إذا شئت.
وتكلمت بنو سعد فقالوا : يا أبا خالد إن أبغض الأشياء علينا خلافك والخروج من رأيك ، وقد كان صخر بن قيس أمرنا بترك القتال ، فحمدنا أمره وبقى عزنا فينا ، فأمهلنا حتى نراجع المشورة ونأتيك بالجواب.
فقال : والله يا بني سعد لإن فعلتموها لا رفع الله السيف عنكم ولا زال سيفكم فيكم أبداً.
ثم كتب إلى الحسين عليهالسلام كتاباً يقول فيه : أمّا بعد .. فقد وصل إليّ كتابك وفهمت ما ندبتني إليه ، ودعوتني من الأخذ بحظي من طاعتك والفوز بنصيبي من نصرتك ، وإن لم يخل الأرض من عامل عليها بخبر وأنتم حجج الله على خلقه وأمناؤه على عباده ، تفرّعتم من زيتونة أحمدية هو أصلها وأنتم فرعها ، فاقدم سعدت بأسعد طائر ، فقد ذللت لك أعناق بني تميم وتركتهم أشد تتابعاً في طاعتك من الإبل الظما لورود الماء في يوم خمسها ، وذللت لك أعناق بني سعد ،