أحب أن يصيبك بسببي إلّا خيراً ؛ ثم التفت إلى اصحابه وقال : من أحبّ منكم إن يتّبعني وإلّا فهذا آخر العهد ؛ ثم التفت إليهم ثانياً وقال : إني اُحدّثكم بحديث :
غزونا بلنجر (١) ، فتح الله عينا ، وأصبنا غنائم كثيرة ، فقال لنا سلمان بن ربيعة الباهلي : أفرحتم بما فتح الله على ايديكم وأصبتم من الغنائم؟ قلنا : نعم ، قال : إذا أدركتم سيد شباب أهل الجنة ، فكونوا أشدّ فرحاً بقتالكم معه ، فأمّا أنا فأستودعكم الله (٢).
ثم صار الى الحسين عليهالسلام ، وكان معه سلمان بن مضارب بن قيس ـ ابن عم
__________________
(١) في القاموس : بلنجر كغضنفر ـ بفتحين وسكون النون وجيم مفتوحة وراء ـ هي مدينة ببلاد الخزر خلف باب الابواب ، فتحت في زمان عثمان في سنة اثنين وثلاثين على يد عبدالرحمن بن ربيعة الباهلي ، كما ذكره أصحاب السير ، وقال البلاذري : فتحها سليمان بن ربيعه الباهلي ، وتجاوزها ، ولقيه خاقان في جيشه خلف بلنجر ، فاستشهد هو وأصحابه ، وكانوا أربعة آلاف ، وكان في أول الامر قد خافهم الترك وقالوا : إنّ هؤلاك ملائكة لا يعمل فيهم السلاح ، فاتفق أنّ تركيا اختفي في غيضة ورشق مسلماُ بسهم فقتله ، فنادا في قومه انّ هؤلاء يموتون كما تموتون فلِمَ تخافوهم ، فاجترؤا عليهم ووقعوهم حتى استشهد عبد الرحمن بن ربيعة ، وأخذ الراية أخوه سلمان بن ربيعة ولم يزل يقاتل حتى امكنه دفن أخيه بنواحي بلنجر ، ورجع ببقية المسلمين على طريق جيلان ، فيهم سلمان الفارسي وأبو هريرة ، فقال عبدالرحمن بن جمانة الباهلي :
وإن لنا قبرين قبر بلنجر |
|
وقبر بأرض الصين يا لك من قبر |
فهذا الذي الصين عمّت فتوحه |
|
وهذا الذي يسقى به سبل القطر |
يريد أن الترك لمّا قتلوا عبد الرحمن بن ربيعة وأصحابه كانوا ينظرون في كل ليلة نوراً على مصارعهم ، فأخذوا سلمان بن ربيعة وجعلوه في تابوت فيهم يستسقون به إذا اقطعوا ، وإذا الذي بالصين فهو قتيبة ابن مسلم الباهلي. (أقول) فقول زهير قال لنا سلمان أي سلمان بن ربيعة الباهلي لأنّ سلمان الفارسي توفي في زمن الخليفة الثاني وبلنجر فتحت في زمن عثمان ولم يشهد سلمان الفارسي وقعة بلنجر.
(٢) ابصار العين : ٩٥.