وذكر صاحب «الاستيعاب» عن أبي هريرة أنّه قال : أبصرت عيناي هاتان ، وسمعت اُذناي رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم وهو يقول : «ترق عين بقه» (١) ، قال : فرقى الغلام حتى وضع قدميه على صدر رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ثم قال له رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : افتح فاك ثم قبله ، ثم قال : «اللّهمّ أحبه فأنّي اُحبّه» (٢)
وروى صاحب «ينابيع المودة» عن أبي هريرة أيضاً ، قال : كان النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم يدلع لسانه للحسين فيرى الصبي حمرة لسانه فيهش اليه ، فقال عينية ابن بدر : أراه يصنع هذا فوالله إنّ لي ولد فما قبّلته قط ، فقال صلىاللهعليهوآلهوسلم «من لا يَرحم لا يُرحم» (٣).
وعن البراء بن عازب (٤) قال : رأيت رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم حامل الحسين بن علي
__________________
(١) البقة (البعوضة) كأنّه يقول اصعد يا صغير الجثة.
(٢) الإستيعاب في معرفة الأصحاب : ١ / ٣٩٧.
(٣) ينابيع المودة : ٢ : ٢٠٤ / ٥٩٠.
(٤) البرآء بن عازب : صحابي ، ولد قبل الهجرة بعشر سنين ، وقيل : بإثنتي عشر سنه ، شهد مع رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم خمس عشرة غزوة أوّلها غزوة (اُحد) ، وشهد مع امير المؤمنين عليهالسلام «الجمل وصفين والنهروان» ، وممن كتم الشهادة لأمير المؤمنين عليهالسلام بخصوص «حديث الغدير بخم» ـ في محضر أميرالمؤمنين عليهالسلام ـ في قول رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم «من كنت مولاه فهذا علي مولاه» ، فقال أمير المؤمنين عليهالسلام لجمع من صحابة رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : هل تشهدون على ذلك؟ فشهد من حضر وكتم شهادته البرآء بن عازب وأنس بن مالك فدعى عليهم أمير المؤمنين عليهالسلام ، فأصاب البرآء عمى ، وأصاب أنس البرص ، وروى الشيخ المفيد رحمه الله في الارشاد : أنّ أمير المؤمنين عليهالسلام قال للبرآء بن عازب ذات يوم بالأبواء : «يقتل إبني الحسين وأنت حي لا تنصره». فلمّا قتل الحسين عليهالسلام كان البرآء بن عازب يقول : صدق والله علي بن ابي طالب ، قتل الحسين ولم أنصره. ثم يظهر الحسرة على ذلك والندم. مات البرآء في الكوفة سنة إحدى وسبعين أو أثنتي وسبعين. انظر : ترجمة «البرآء بن عازب» في تاريخ من دفن في العراق من الصحابة : ٥٧.