اُريد أن أعتدُّ بعدّتي ، وأملأ لهؤلاء الأطفال قربتي». فركب فرسه وحمل قربته على كتفه ، وأخذ الرايه معه وقصد المشرعة ، ونزل الى الفرات فلمّا أحسّ ببرد الماء وقد كضّه العطش ، اغترف بيده غرفة ليشرب فذكر وصيّة أبيه أمير المؤمينين عليهالسلام وتذكّر عطش أخيه الحسين عليهالسلام وعيالاته ، رمى الماء من يده وقال : لا والله لا أشرب الماء وأخي الحسين عطشان ، ثم جعل يقول :
يا نفس من بعد الحسين هوني |
|
وبعده لا كنت أو تكوني |
هذا حسين وارد المنون |
|
وتشربين بارد المعين |
ثم ملأ القربة وحملها على كتفه وخرج من المشرعة ، استقبله الكتائب وصاح ابن سعد : اقطعوا عليه طريقه ، فلما رأى العباس عليهالسلام ذلك حمل عليهم بسيفه وهو يقول :
إنّي أنّا العباس اغدوا بالسقا |
|
ولا أخاف الشرَّ يوم الملتقى |
نفسي لنفس الطاهر الطهر وقا |
|
حتى أُوارى ميّتاً عند اللقا |
فجعل يقاتلهم مقاتلة الأبطال في ذلك المجال ، حتى قتل منهم جماعة ، فبينما هو يقاتل فجاء سهم الى القربه فأصابها واُريق ماؤها ، فدمعت عيناه ووقف متحيراً ، فبينما هو كذلك أذ أتاه السهم فوقع في عينه اليمنى ، وضربه الحكيم بن الطفيل السنبسي على يمينه فقطعها ، أخذ الواء بشماله وهو يقول :
والله إن قطعتموا يميني |
|
إنّي اُحامي أبداً عن ديني |
وعن إمامٍ صادق اليقين
فضربه زيد بن ورقاء الجهني على شماله فقطعها ، فضمّ اللواء إلى صدره ببقيّة يده وهو يقول :
يا نفس لا تخشي من الكفّار |
|
وأبشري برحمة الجبّار |
مع النبيّ سيّد الأبرار |
|
مع جملة السادات والأطهار |
فقد قطعوا ببغيهم يساري |
|
فأصلهم يا ربّ حرّ النار |