فحمل عليه رجل تميمي من أبناء ابان بن دارم وبيده عمود من حديد فضربه على اُم رأسه ، خر صريعاً إلى الأرض ونادى بأعلى صوته : ادركني يا أخي ، فانقضّ عليه الحسين عليهالسلام كالصقر ، فرآه مقطوع اليدين ، مرضوض الجبين ، السهم نابت في العين ، المخّ سائل على الكتفين ، نادى : الآن انكسر ظهري ، الآن قلّت حيلتي ، الان شمت بي عدوي.
ويقال : إنه عليهالسلام أخذ رأسه ووضعه في حجره ، وكان العباس مغمى عليه ، أفاق فظن أنّ رجلاً من الأعداء يريد حزّ رأسه ، فقال العباس عليهالسلام : بالله عليك أمهلني حتى يأتي إليَّ ابن والدي ، فقال له الحسين عليهالسلام : أخي أنا أخوك.
ثم أنّ الحسين وضع رأس العباس على الأرض ، وقام ووضع يديه تحت ظهره أراد حمله إلى المخيم ، فقال العباس : بالله عليك ألا ما تتركني في مكاني ، فقال له الحسين عليهالسلام : لماذا يا أخي؟ فقال العباس : لحاليتين الاُولى فقد نزل بي الموت الذي لابد منه ، والثانية إنّي واعدت سكينة بالماء والآن مستحي منها.
ثم فاضت نفسه الزكية ، فقام الحسين عليهالسلام من عنده وأقبل الى المخيّم يكفكف دموعه بكمّه كي لا تراه النساء ، استقبلته سكينة فقالت له : أين عمّي العباس؟ لعلّه شرب الماء ونسي ما وراه ؛ فقال لها : بني عظّم الله لك الأجر بعمّك العباس ، فصاحت : وا عمّاه وا عباساه ، من للنساء الضائعات [من بعدك] :
عباس تسمع زينباً تدعوك من |
|
لي يا حماي إذ العدى سلبوني |
أو لست تسمع ما تقول سكينة |
|
عمّاه يوم الأسر من يحميني |
(فائدة) : وفيه يقول : ـ رائياً ـ حفيده الفضل بن الحسن بن عبدالله بن العباس رضوان الله عليهما :
إني لأذكر للعباس موقفه |
|
بكربلاءَ وهام القوم تختطف |
يحمي الحسين ويحميه على ظمأ |
|
ولا يولّي ولا يثني فيختلف |