قال : وخرج ابن طارق ثائراً بأبيه وعمّه ، فحمل عليه علي بن الحسين فقتله ، ثم طلب البراز فلم يبرز إليه أحد فحمل على القوم وجعل [يضرب] فيهم بسيفه ، هذا والحسين عليهالسلام واقف بباب الخيمة وليلى تنظر في وجه الحسين عليهالسلام تراه يتلألأ نوراً وسروراً بشجاعة ولده علي ، فبينما هو كذلك إذ تغيّر لون وجهه ، فقالت له ليلى : سيدي أرى لون وجهك قد تغيّر! هل اصيب ولدي؟ فقال لها : لا يا ليلى ولكن برز له من أخاف منه عليه ، يا ليلى ادعي لولدك علي.
دخلت ليلى إلى الفسطاط ، نشرت شعرها ، جرّدت عن ثدييها ، قائلة : الهي بغربة أبي عبدالله .. الهي بعطش أبي عبدالله .. يا راد يوسف إلى يعقوب اردد إليَّ ولدي علي.
قال الراوي : فاستجاب الله دعء ليلى ونصر علياً على بكر فقتله وحزّ رأسه ، وجاء به إلى الحسين عليهالسلام وقد قتل مائة وعشرين فارساً ، وهو ينادي : أبه العطش قد قتلني وثقل الحديد قد اجهدني (١) ، فهل إلى شربة ماء من سبيل اتقوّى بها على الأعداء؟ فقال الحسين عليهالسلام : بني هات لسانك ، أخذ بلسانه فمصه ثم دفع إليه خاتمه الشريف وقال له ، ولدي امسكه في فيك وارجع الى قتال عدوّك ، فكأنّه ارتوى.
ويروى : أنه قال : ولدي دونك اُمّك في الخيمة فودّعها ؛ فدخل علي الأكبر إلى الخيمة فتعلّقت به اُمّه وتعلقن به النسوة فصاح الحسين عليهالسلام : دعنه فقد اشتاق الحبيب إلى حبيبه.
__________________
(١) قوله وثقل الحديد قد اجهدني هل إن الحديد الذي كان معه أجهده كالسيف والدرع والدرقة قالوا لا وإنّما أراد بهذا القول حديد الجيش وسلاح الأعداء أو لكثرة العسكر والتعبير بالعسكر بالحديد تعبير شايع انظر الى قول الكشّي في حبيب ابن مظاهر إنّه كان من السبعين الذين نصروا الحسين ولقوا جبال الحديد.