وقد قال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم يوم الفتح : «رحم الله عمّي أبو طالب ، لو أولد الناس كلّهم لكانوا شجعاناً». وناهيك عمّا أبدوه أشبال علي عليهالسلام في كربلاء مع قلّة عددهم وكثرة الأعداء ممّن شاهد منهم الحروب قبلاً ومن لم يشاهدها قبل يوم كربلاء كالقاسم بن الحسن عليهالسلام حتى قال حميد بن مسلم : خرج إلينا القاسم ابن حسن عليهالسلام وبيده سيفه ، ووجهه كفلقة قمر طالع ، وعليه قميص وإزار ، وفي رجليه نعلان من ليف ، فجعل يضرب هذا وقد تكاملوا عليه أهل الكوفة سبعين ألف رجل (١).
أقول : ولو تصفّحت التاريخ لما وجدت غلاماً كهذا الغلام يبرز إلى سبعين ألف وعليه قميص وإزار ، والحالة أنّ العرب كانوا لا يبرزون إلّا بعد الاستعداد ويفرغون عليهم الدروع والمغافر ، حتى أنّ الرجل منهم كان لا يعرف لكثرة ما عليه من الحديد ومن لامة الحرب ولا يرى منه إلّا عيناه ، والقاسم بن الحسن عليهالسلام برز يوم عاشوراء إلى الأعداء وعليه قميص وإزار كما سمعت ، فأين هذا من ذاك؟! وأعجب من هذا أنّ القاسم لعدم مبالاته بكثرة الاعداء بحيث انقطع شسع (٢) نعله وقف بين تلك الجموع يشدّه وهذا ممّا يغيض العدو ، ولقد أجاد الشيخ السماوي رحمه الله حيث قال :
أتراه حين أقام يصلح نعله |
|
بين العدى كي لا يروه بمحتف (٣) |
غلبت عليه شهامة حسنيّة |
|
أم كان بالأعداء ليس بمحتف (٤) |
__________________
(١) مقتل أبي مخنف : ١٦٩.
(٢) الشسع ما يدخل بين الاصبعين في النعل العربي ممتدّ الى الشراك.
(٣) الإحتفاء هنا المشي بلا نعل.
(٤) الإحتفاء هنا الإعتناء يقال احتف به ولم يحتف. انظر إبصار العين في أنصار الحسين : ٣٦.