نتصارخ بالقرب منها ، فمرّ علينا رجل من أصحاب أبي الحسين يقال له «برير بن خضير الهمداني» فلمّا سمع بكاءنا رقّ لحالنا وجعل يبكي ، فنادى أصحابه وقال لهم :
أصحابي ما رأيكم أيسرّكم أن تموت هذه الصبية عطشاً وفي أيدينا قوائم سيوفنا؟ لا والله لا خير في الحياة بعدهم بل نرد دونهم حياض الموت ... أصحابي فاليأخذ كل واحد منا بيد فتاة من هذه الفتية ونهجم على المشرعة قبل أن يهلكوا من الظمأ ، وإن قاتلنا القوم قاتلناهم.
فقال له يحيى المازني : إنّ الحرس يمنعونا ويقاتلوننا فإذا أخذنا الأطفال ربّما تنالهم بعض السهام فنكون نحن السبب لذلك ، لكن الرأي أن نحمل معنا قربة ونملأها لهم فإن قاتلونا قاتلناهم ومن قتل منا يكون فداء لبنات رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم.
فقال له برير : شأنك ..
ثم أخذوا قربة وساروا قاصدين الفرات وأقبلوا نحو المشرعة ، فأحسّ بهم الحرّاس وصاحوا : من هؤلاء؟ فقال لهم برير : أنا برير وهؤلاء أصحابي وقد كظّنا العطش ... فقالوا لهم : مكانكم حتى نخبر رئيسنا إسحاق بن حوية (لعنه الله).
ثم إنهم نزلوا إلى المشرعة ونزل برير فلمّا أحس ببرد الماء انتحب باكياً وقال : لعن الله ابن سعد هذا الماء يجري وأكباد الفاطميات تذوب من العطش ... ثم صاح : أصحابي أذكروا ما وراءكم واملؤا القربة ولا تشربوا حتى ترووا أكباد الفاطميات.
فقال له أصحابه : والله يا برير لا نشرب قبل أطفال الحسين عليهالسلام.
قالت : فسمعه رجل من الحرس فصاح بهم ما كفاكم الورود حتى تحملوا الماء الى هذا الخارجي؟ والله لأخبرن بأمركم إسحاق بن حوية. فقال له برير : اكتم